اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 454
الشام مجريان، وقبرس على ممرِّ الأيام رخاؤها شامل وخيراتها كاملة.
وكان معاوية [1] رضي الله عنه غزاها وصالح أهلها على جزية سبعة آلاف دينار، فانتقضوا عليه فغزاهم ثانية فقتل وسبى سبياً كثيراً. وروي أنه لما افتتحت مدائن قبرس وقع الناس في السبي يقتسمونه ويفرقونه بينهم، فتشكى بعضهم إلى بعض، فبكى أبو الدرداء رضي الله عنه ثم تنحى فجلس ثم احتبى بحمائل سيفه فقيل: أتبكي في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله وأذل الكفر وأهله؟! فضرب على منكبيه وقال: ويحك ما أهون الخلق على الله تعالى إذا تركوا أمره، بينما هي إمرة قاهرة ظاهرة على الناس إذ تركوا أمر الله عز وجل فصاروا إلى ما ترى.
ودور جزيرة قبرس يوم [2] ، وبينها وبين الأرض الكبيرة يوم، وبينها وبين ساحل مصر خمسة أيام، وبينها وبين رودس ميل، وإنما سميت [3] جزيرة قبرس بمدينة هناك تسمى قبرو، وكانت قبرس معظمة في القديم للوثن المسمى قابرس [4] .
وأهل مدينة قبرس موصوفون بالغنى والجِدَة وبها معادن الصفر، ويجمع في جزيرة قبرس اللاذن ولا يجمع في غيرها، والذي يجمع منه على الشجر خاصة يحمل إلى ملك القسطنطينية أفضله، لأنه يعادل الألنجوج القماري طيباً وسائر ما يجمع مما يسقط على وجه الأرض هو الذي يستعمله الناس.
وشهدت أم حرام بنت ملحان غزو قبرس فتوفيت بها، وأهل قبرس يتبركون بقبرها ويعرفونه قبر المرأة الصالحة، وكانت قد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدعوا لها الله عز وجل أن يجعلها من الذين يركبون ثبج البحر مجاهدين في سبيل الله تعالى، ففعل في حديث معروف.
وكان الأوزاعي يقول: إنا نرى أن هؤلاء القوم، يعني أهل قبرس أهل عهد، وأن صلحهم وقع على شيء فيه شرط لهم وشرط عليهم وأنه لا يسعهم نقضه إلا بأمر يعرف به عذرهم.
ورأى عبد الملك بن صالح [5] في حدث أحدثوه أن ذلك نقض لعهدهم فكتب إلى عدة من الفقهاء يشاورهم في أمرهم، منهم الليث بن سعد ومالك بن أنس وسفيان بن عُييْنة وموسى بن أعين وإسماعيل بن عياش ويحيى بن حمزة وأبو إسحاق الفزاري ومحمد بن حسن رحمة الله عليهم، فاختلفوا عليه، وأجاب كل واحد منهم بما ظهر له، مما ليس هذا موضع ذكره.
قالوا: وانتهى خراج أهل قبرس الذي يؤدونه إلى المسلمين بعد المائتين من الهجرة أربعة آلاف ألف وسبعمائة ألف وسبعة وأربعين ألفاً.
القَبْطيل [6] :
بالأندلس، هو مفرغ وادي طرطوشة في البحر ويعرف أيضاً بالعسكر لأنه موضع عسكر به المجوس واحتفروا حوله خندقاً أثره باق إلى الآن.
قبتور [7] :
قرية من قرى اشبيلية، وفي سنة ثلاث وعشرين وستمائة وصلت شياطي الروم الغربيين نهر اشبيلية فأسروا الناس وحرقوا القوارب، ثم وصلوا إلى قبتور هذه وغلبوا أهلها ودخلوا عليهم عنوة، ففرَّ منهم من فرَّ وأخذ جملة منهم ومن نسائهم، واستبيح جميع ما كان في الديار من الأثاث والمتاع.
قدس [8] :
من جبال تهامة وهو جبل العرج، وقد لا يصرف يجعل اسماً للجبل وما حوله.
قُدَيد [9] :
في الطريق بين مكة والمدينة، بينها وبين الجحفة - ميقات أهل الشام - سبعة وعشرون ميلاً وهو حصن صغير [1] قارن بفتوح البلاذري: 181. [2] كذا؛ وفي آثار البلاد: 240 إن دورها ستة عشر يوماً. [3] متابع للبكري (ح) : 210 وبعضه في آثار البلاد نقلاً عن العذري. [4] البكري: يانوس. [5] تجد تفصيلاً وافياً عن هذه الحادثة في فتوح البلاذري: 183، والأموال لأبي عبيد 1: 171. [6] بروفنسال: 150، والترجمة: 179 ويبدو تحديد موقع القبطيل من قول العذري في وصف غارة المجوس على إشبيلية سنة 230، فبعد لقائهم عند طلياطة انهزموا ((وبقوا أياماً بين طلياطة وقبطيل ... حتى خرج المجوس من جهة النهر الذي يلي لبلة ... ثم هبط المجوس إلى قنب قوريش ... ثم دخل أعداء الله إلى قبطيل فصاروا بين أودية فنزل عليهم المسلمون من جنبي النهر ... الخ)) ، (العذري: 100) ، وكلمة ((قبطيل)) تعني ((القناة)) وتساوي Capital باللاتينية، وتعرف ب؟ Isla Menor (انظر الترجمة، الحاشية 2 صفحة 179) . [7] بروفنسال: 149، والترجمة: 178، وهذه التسمية تقابل ما يدعى: Isla Menor (عن ترجمة بروفنسال) . [8] معجم ما استعجم 3: 1050، وقارن بياقوت (قدس) . [9] نقل عنه الناصري: 229، وقارن بما في المناسك: 459.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 454