اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 453
حين حكت بقباءٍ برْكها ... واستحر القتلُ في عبد الأشلّ فصرفه، وقال الأحوص [1] :
ولها مربع ببرقة خاخ ... ومصيف بالقصر قصرِ قُباء قالوا: وسميت قباء بالبئر التي في دار توبة بن الحسين بن السائب بن أبي لبابة، كان يقال قباء [2] ، وكان بنو أنيف، حي من بلي، ويقال هم بقية من العماليق، ممن نزل قباء مع من نزلها من يهود فقال شاعر منهم:
ولو نطقت يوماً قباء لخبّرت ... بأنا نزلنا قبل عاد وتبَّع
وآطامها عادية مشمخرَة ... تلوح فتنفي من يعادي وتمنع ورويَ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء ماشياً. وبها المسجد الذي أسس على التقوى، بينه وبين مسجد المدينة ميلان ونصف ميل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي قُباء كل يوم سبت راكباً وماشياً، ومصلاه فيه معلوم. وطول المسجد ثماني وستون ذراعاً وعرضه كذلك، وطول منارته من سطحه إلى رأسها اثنتان [3] وعشرون [4] ذراعاً، وارتفاعه خمس عشرة ذراعاً وعدد أساطينه تسع وثلاثون.
وقبا [5] أيضاً من مدن فرغانة التي تلي اخسيكث في الكبر وهي من أنزهها وأجملها مرأى وهي أكثر مياهاً وبساتين من أخسيكث، وبينهما عشرة فراسخ ولها ربض عليه سور محيط بها وجامعها في قهندزها، إلا أن القهندز خراب، وأسواقها في ربضها، ودار الإمارة والحبس في الربض.
قَبْرَة [6] :
مدينة بالأندلس، بينها وبين قرطبة ثلاثون ميلاً ذات مياه سائحة من عيون شتى، منها العين التي عليها النهر الذي هناك مخرجه من ناحية جبل شيته [7] عليه أرحاء كثيرة، وهذا الجبل الشامخ [8] ينبت ضروب النواوير وأصناف الأزاهير، وأجناس الأفاويه والعقاقير، وتدوم غضارة نوره وتتصل بهجة نبته باعتدال هوائه، وكثرة أندائه، فيقطف النرجس فيه غضاً زمن الورد.
والمسجد الجامع بقَبْرَة ثلاث بلاطات. وبها سوق جامعة يوم الخميس، وتحسن بها ضروب الغراسات وأنواع الثمرات، وهي مخصوصة بكثرة الزيتون.
وعلى مقربة من مدينة قَبْرَة المغارة المعروفة بالعروب، لا يدرَك قعرها ولا يُسْبر غورها، وهي باب من أبواب الرياح، ويعرفونها ببئر الريح وكان بعض خلفاء بني أميَّة قد أمر عامل قبرة بردم تلك المغارة وأن يحشد لذلك أهل الناحية ويشرف عليه بنفسه، ففعل واعتمل الناس في ذلك مدة، وكان مما ردموها به التبن والحشيش إلى أن استوى الردم وجلس العامل على فم الغار ليخاطب الأمير بذلك، فرجف المكان وانهال الردم، ونجا العامل ولم يكد ينجو، وبقيت المغارة لا يدرك لها قعر كما كانت قبل الردم، ولا يعلم أين ذهب جميع ما قذف فيها، إلا أنه رئي من ذلك التبن في بعض ينابيع المياه بذلك الجبل، وفي هذه المغارة قذف جماعة من الصقالبة المأسورين في هزيمة كانت أحياء.
قبودية [9] :
حصن قريب من سلقطة، ويصاد به من السمك كل طريفة، وهو بها كثير رخيص.
قبرس [10] :
جزيرة على البحر الشامي كبيرة القطر مقدارها ستة عشر يوماً، وبها قرى ومزارع وجبال وأشجار وزروع ومواش، وبها معدن الزاج المنسوب إليها، ويتجهز به منها إلى سائر الأقطار. وبها ثلاث مدن. ومن قبرس إلى طرابلس [1] نسبه في المغنانم المطابة: 330 للسري عبد الرحمن بن عتبة الأنصاري. [2] وفاء الوفاء: هبار، قبار، قتار. [3] بياض في ص ع بمقدار سطر ونصف، والأرقام التي أثبتها هنا هي ما أورده ابن النجار: 380 (ملحق بكتاب شفاء الغرام) وعند السمهودي أرقام أخرى. [4] ص ع: وثلاثون. [5] مشبه لما عند الكرخي: 187 وخاصة الحاشية: 186، وابن حوقل: 420، وانظر المقدسي: 276. [6] بروفنسال: 149، والترجمة: 178 (Cabra) . [7] بروفنسال: شيبة. [8] ص: شامخ. [9] الإدريسي (د/ ب) : 126/ 94 (قبوذية) وهي بالدال المهملة عند البكري: 85. [10] نزهة المشتاق: 194.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 453