اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 330
والمشمش والتفاح المنهد وقصب السكر الذي ليس في الأرض مثله طولاً وعرضاً وحلاوة وكثرة ماء، ويعمل منه ببلاد السوس من السكر ما يعم أكثر أهل الأرض ويشف على كل أنواع السكر في الطيب والصفاء، وتعمل بالسوس الأكسية الرقاق ومن الثياب ما لا يقدر أحد على عمله، وفي نسائهم جمال فائق وحسن بارع وحذق بصناعات أيديهن.
وهي بلاد حنطة وشعير وأرز ممكن بأيسر قيمة، والغالب على أسعارها الرخص وعلى أهلها الجفاء وغلظ الطبع، وهم أخلاط من البرابر والمصامدة، وزيهم لباس أكسية الصوف التفافاً، ولهم بشعورهم اهتمام يغسلونها بالحناء في كل جمعة مرتين برقيق البيض والطين الأندلسي، ولا يمشي الرجل منهم أبداً إلا وفي يده رمحان قصار العصي طوال الأسنان رقاقها، ويأكلون الجراد أكلاً لما مقلواً ومملوحاً، وهم فرقتان: مالكية وحشوية [1] ، وبينهم القتال والفتنة أبداً، غير أنهم أرفه الناس وأكثرهم خصباً، وشرابهم المسمى آنريز حلو ويسكر سكراً عظيماً ويفعل بشاربه ما لا تفعله الخمر لمتانته وغلظ مزاجه، وهم يرونه حلالاً ما لم يتعد به حد السكر، وبين السوس وأغمات ست مراحل.
ومن السوس الإمام المهدي محمد بن تومرت [2] ، كان يقال له الفقيه السوسي.
ويقال للسوس: السوس الأقصى [3] ، وهي مدن كثيرة وبلاد واسعة، يشقها نهر عظيم يصب في البحر المحيط يسمى وادي ماست، وجريه من القبلة إلى الجوف كجري نيل مصر، وعليه القرى المتصلة والعمارة الكثيرة، والبساتين والجنات بأنواع الفواكه والثمار والأعناب وقصب السكر، ولم يتخذ الساكنون على هذا الوادي قط رحى، فإذا سئلوا عن ذلك قالوا: كيف نتخذ هذا الماء المبارك في إدارة الأرحاء. وهم يتطيرون بها، وعلى هذا النهر قرية كبيرة جداً تعرف بتارودانت، وهي أكثر بلاد الدنيا قصب سكر، وفيها معاصر للسكر كثيرة. وهذه البلاد أخصب بلاد المغرب وأكثرها فواكه وخيرات، ومنها يجلب السكر إلى جميع بلاد المغرب والأندلس وإفريقية، وهو المشهور بالطبرزذ المعروف عند الأطباء، وعلى مصب هذا الوادي في البحر رباط مقصود له موسم عظيم ومجتمع جليل وهو مأوى للصالحين، ومن وادي السوس إلى مدينة نول ثلاث مراحل في عمارة متصلة تسكنها جزولة ولمطة، وهم أمم كثيرة، وقاعدة بلاد السوس ايكلي [4] ، وهي مدينة كبيرة قديمة في سهل من الأرض على النهر الكبير المذكور، وهي كثيرة البساتين والتمر وجميع الفواكه، وربما بيع فيها التمر. بما دون كراء الدابة من الجنات إلى السوق، ومعاصر قصب السكر بها كثيرة، وأكثر شرب أهلها إنما هو قصب السكر، ويعمل بها النحاس المسبوك ويتجهز به إلى بلاد السودان.
ووصل عقبة بن نافع إلى هذه المدينة عند دخول بلاد المغرب وافتتحها، فأخرج منها سبياً لم ير مثله حسناً، فكانت الجارية الواحدة منهن تباع بألف دينار وأكثر لحسنها وتمام خلقتها. ويعمل بهذه المدينة زيت الهرجان [5] ، وشجره يشبه الكمثرى إلا أنه لا يعلو كعلو شجر الكمثرى ولا يفوت اليد. وأغصانه نابتة من أصله لا ساق لشجرته، ولها شوك، فيجمع ويترك حتى يذبل ثم يوضع في مقلى فخار على النار فيستخرج دهنه، وطعمه يشبه طعم القمح المقلو، وهو حينئذ محمود الغذاء يسخن الكلى ويدر البول.
وبالسوس عسل يفوق عسل جميع الأمصار، ويلقي البلديون [6] على الكيل منه خمسة عشر كيلاً وحينئذ يتأتى نبيذاً، فإن كان الماء أقل من ذلك بقي حلواً ولا ينحل إلا بالماء الشديد الحرارة، ولونه أخضر في لون الزمرد.
ومن مدن السوس تامدلت [7] ونول لمطة، وغيرهما.
السويداء:
مدينة بقرب دمشق بينهما ستة فراسخ، وهي على رأس جبل، حصينة، وحواليها مزارع وأشجار الزيتون والكروم، وماؤها من عين تجتمع في بركة. السويدية[8] :
مدينة هي فرضة أنطاكية على البحر، وبها يقع [1] هذا غير دقيق، والادريسي ينقل عن ابن حوقل، وهو يقسم أهل السوس في مالكية حشوية وموسوية شيعة يقطعون على موسى بن جعفر. [2] ع: توتارت (ولعلها: تومارت) ص: نارت. [3] الاستبصار: 211. [4] تكتب في معظم المصادر ((ايجلي)) أي أنها تنطق جيماً مصرية. [5] ص ع: البرجان، وقارن البكري: 162. [6] الاستبصار والبكري: النبيذيون. [7] ص ع: تادميت. [8] نزهة المشتاق: 195.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 330