اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 329
تقول ألا تبكي أخاك وقد أرى ... مكان البكا لكن جبلت على الصبر وقال سعيد بن عقبة: نزلت ببطحاء سويقة فاستوحشت لخرابها إلى أن خرجت ضبع من دار عبد الله بن حسن فقلت:
إني مررت على دار فأحزنني ... لما مررت عليها منظر الدار
وحشاً خراباً كأن لم تغن عامرة ... بخير أهل لمعتر وزوار
لا يبعد الله قوماً كان يجمعهم ... جنبا سويقة أخيار لأخيار
الرافعين لساري الليل نارهم ... حتى يؤم على ضوء من النار
والدافعين عن المحتاج خلته ... حتى يحوز الغنى من بعد إقتار وسويقة بني مسعود بالقرب من طرابلس تسكنها قبائل من هوارة تحت طاعة العرب، وبها سوق مشهورة وقصور كثيرة، وأهلها يحرثون الشعير على السقي.
السوس:
من كور الأهواز وهي مدينة الأهواز في القديم، وهي بالفارسية شوش أي جيد.
وفتحها أبو موسى الأشعري رضي الله عنه سنة تسع عشرة فدل على جثة دانيال [1] ، فقام رجل إلى جنبه فكانت ركبة دانيال محاذية رأسه، وأخذ أبو موسى رضي الله عنه خاتمه وفصه حجر أحمر، نقشه دبان مختلفة أوساطه، ووجدت معه كتب صحف، فبيعت بأربعة وعشرين درهماً، فوقعت إلى الشام.
قالوا [2] : ولما نزل أبو موسى رضي الله عنه على السوس قاتل أهلها وحاصرهم حتى نفد ما عندهم من الطعام فضرعوا إلى الأمان وسأل مرزبانهم أن يؤمن ثمانون منهم على أن يفتح باب المدينة ويسلمها، فسمى الثمانين [3] وأخرج نفسه منهم، فأمر به أبو موسى رضي الله عنه فضربت عنقه ولم يعرض للثمانين وقتل من سواهم من المقاتلة، وأخذ الأموال وسبى الذرية، ورأى أبو موسى رضي الله عنه في قلعتهم بيتاً عليه ستر، فسأل عنه، فقيل إن فيه جثة دانيال، وأنهم كانوا قحطوا فسألوا أهل بابل دفعه إليهم يستسقون به ففعلوا، وكان بخت نصر سبى دانيال وأتى به بابل فقبض بها، فكتب أبو موسى رضي الله عنه بذلك إلى عمر رضي الله عنه، فكتب إليه عمر رضي الله عنه أن كفنه وادفنه، فسكر أبو موسى نهراً حتى إذا انقطع الماء عنه دفنه فيه ثم أجرى الماء عليه.
ومن طريف ما حكي في فتح السوس ما ذكره سيف، قال [4] : لما أحاط المسلمون بالسوس ناوشوهم مرات، كل ذلك يصيب أهل السوس في المسلمين [5] ، فأشرف عليهم الرهبان والقسيسون فقالوا: يا معشر العرب إن مما عهد إلينا علماؤنا وأوائلنا لا يفتح السوس إلا الدجال أو قوم فيهم الدجال، فإن كان الدجال فيكم فستفتحونها، وإن لم يكن فيكم فلا تعنوا بحصارنا، وصادف ابن صياد يومئذ في خيل المسلمين، فأتى باب السوس غضبان فدقه برجله وقال: انفتح، فتقطعت السلاسل وتكسرت الأغلاق، وتفتحت الأبواب ودخل المسلمون، فألقى المشركون بأيديهم ونادوا: الصلح، الصلح، فأجابهم المسلمون إلى ذلك بعدما دخلوها عنوة واقتسموا ما أصابوا قبل الصلح ثم افترقوا.
والسوس أيضاً في أقصى بلاد المغرب، وهي مدينة جليلة حاضرة جامعة لكل خير وفضل، وأهلها أخلاط، وهي بلاد السكر ويصنع بها منه كل شيء كثير ويتجهز منه إلى الآفاق ويصل فاضله إلى أقصى خراسان، ويصنع بها من الخز العتيق كل جليلة، وبها فواكه كثيرة.
وهذا السوس [6] الغربي قرى وعمارات كثيرة متصلة بعضها ببعض، وبها من الفواكه الجليلة أجناس مختلفة وأنواع كثيرة كالجوز والتين والعنب العذاري والسفرجل والرمان والأترج الكثير [1] قد مر في مادة ((تستر)) حديث عن اكتشاف أبي موسى لجثة دانيال وكيف أخفاها وسيعيد المؤلف هذا الحديث في ما يلي من هذه المادة. [2] عن فتوح البلدان: 465 - 466. [3] ص ع: فسلم الثمانون. [4] الطبري 1: 2654. [5] سقطت من: ص ع. [6] الادريسي (د/ ب) : 61/ 39، وقارن بعض معلوماته بالبكري: 162، وابن حوقل: 90، وابن الوردي: 13.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 329