اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 328
القطر جليلة القدر نامية الشجر، طولها ثمانون فرسخاً، وأكثر نباتها شجر الصبر، ولا صبر يفوق صبرها في الطيب كالذي يتخذ بحضرموت اليمن وبالشحر وغيرها، وتتصل من جهة الشمال والمغرب ببلاد اليمن، بل هي محسوبة منه ومنسوبة إليه، وبها من جميع قبائل مهرة، وبها نخل كثير، ويسقط إليها العنبر، وإذا قيل لمهري: يا سقطري، غضب، وتقابلها بلاد الزنج، وأكثر أهل هذه الجزيرة نصارى، لأن الإسكندر لما غلب على ملك فارس وغزت أساطيله جزائر الهند وقتل ملك الهند، وكان معلمه أرسطوطاليس قد أوصاه بطلب جزيرة الصبر فكان في بال الإسكندر ذلك من أجل وصية معلمه، فعند فراغه من أخذ جزائر الهند وتغلبه عليها وعلى ملوكها أخذ راجعاً في بحر الهند إلى جهة البحر العماني إلى أن وصل إلى جزيرة سقطرى فأعجبه طيب ثراها واعتدال هوائها، فكتب إلى معلمه بذلك، فأجابه يأمره بأن ينقل أهلها عنها ويستبدلهم باليونانيين ويوصيهم بحفظ شجرة الصبر وحياطتها لما في ذلك من المنافع الطبية، وأنه لا تتم الايارجات إلا به، مع انتفاع جميع الأمم بتصريفه لأنه في ذاته دواء جليل كثير المنافع، ففعل الإسكندر ذلك فأخرج عنها جملة أهلها ونقل إليها قوماً من اليونانيين، وأمرهم بحفظ شجرة الصبر والقيام بها وغراستها وإدامة تنميتها، ففعلوا ذلك إلى أن ظهر دين المسيح فآمنت به، فدخل أهل سقوطرى في دين النصرانية، وبقايا ذراريهم بها إلى هذا الوقت مع سائر من سكنها من غيرهم، وأوراق شجر الصبر تجمع في شهر يوليه، ويستخرج لعابها ويطبخ في قدور النحاس وغيرها، ويوضع في زقاق ويجفف في شهر أغشت للشمس، ويباع منه بهذه الجزيرة قناطير فيتجهز به إلى الآفاق شرقاً وغرباً.
وقد يسقط العنبر إلى جزيرة سقوطرى [1] ، ومن عمان إلى الساحل إلى سقوطرى، والطريق من عمان إلى مسقط على الساحل ثم منه إلى سقوطرى، وبها الصبر الذي لا يعدل به كما قلناه. سقوما[2] :
قلعة سقوما على مقربة من فاس بالمغرب.
ولما وصل موسى بن نصير إلى طنجة، مال عياض بن عقبة إلى قلعة سقوما ومال معه سليمان بن مهاجر وسألا موسى الرجوع معهما فأبى، وقال: هؤلاء قوم في الطاعة، فأغلظا له القول حتى رجع فقاتل أهل سقوما، فكان لهم على العرب ظهور، فجاءهم عياض بن عقبة من خلفهم فتسور عليهم في قلعتهم، فانهزم القوم واشتد القتل فيهم فغلبوا، وكتب موسى إلى الوليد بن عبد الملك أنه سار إليك يا أمير المؤمنين من بني سقوما مائة ألف رأس، فكتب إليه الوليد: ويحك أظنها بعض كذباتك، فإن كنت صادقاً فهذا محشر الأمم.
ولم يكن بالمغرب أعظم من مدينة سقوما.
سهرورد [3] :
بلدة بين زنجان وهمذان.
السواجير [4] :
موضع بالشام.
سويقة [5] :
بالتصغير، موضع بشق اليمامة.
وسويقة أيضاً بمقربة من المدينة بها كانت منازل حسن بن حسن بن علي رضي الله عنهم، قال موسى بن عبد الله بن حسن: خرجت من منازلنا بسويقة جنح ليل، وذلك قبل خروج محمد أخي، فإذا أنا بنسوة توهمت أنهن خرجن من ديارنا فأدركتني غيرة عليهن، فاتبعتهن لأنظر أين يردن، حتى إذا كن بطرف الحفير [6] التفتت إلي إحداهن وهي تقول:
سويقة بعد ساكنها يباب ... لقد أمست أجد بها الخراب فقلت لهن: أمن الإنس أنتن، فلم يراجعنني، فخرج محمد هذا فقتل وخربت ديارنا.
وقال إسماعيل [7] : لقيني موسى بن عبد الله فقال لي: هلم حتى أريك ما صنع بنا بسويقة، فانطلقت معه، فإذا نخلها قد عضد عن آخره، وديارها ومصانعها قد خربت فخنقتني العبرة، فقال: إليك فنحن والله كما قال دريد بن الصمة: [1] قد تقدم هذا في هذه المادة. [2] في الاستبصار: 194 سكوما؛ والمؤلف ينقل عن البكري: 117. [3] قارن بياقوت (سهرود) . [4] ص ع: السواحر؛ وعند ياقوت: نهر مشهور من عمل منبج بالشام. [5] معجم ما استعجم 3: 767. [6] معجم البكري: الجمير. [7] يعني اسماعيل بن جعفر بن إبراهيم.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 328