اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 171
بيض الوجوه أعفة أحسابهم ... شم الأنوف من الطراز الأول فضحك حتى بدت نواجذه ثم قال: أتدري من قائل هذا؟ قلت: لا والله، قال: قائله حسان بن ثابت شاعر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم التفت إلى الجواري التي عن يساره فقال لهن: بالله أبكيننا، فاندفعن يتغنين:
لمن الدار أقفرت بمعان ... بين أعلى اليرموك فالخمان
ذاك مغنى لآل جفنة في الده ... ر مخلى لحادث الأزمان
قد أراني هناك دهراً مكيناً ... عند ذي التاج مقعدي ومكاني
ودنا الفصح فالولائد ينظم ... ن سراعاً أكلة المرجان قال: فبكى حتى جعلت الدموع تسيل على لحيته، ثم قال: أتدري من قائل هذا؟ قلت: لا أدري، قال: حسان بن ثابت. ثم أنشأ يقول:
تنصرت الأشراف من أجل لطمة ... وما كان فيها لو صبرت لها ضرر
تكنفني فيها لجاج ونخوة ... وبعت بها العين الصحيحة بالعور
فيا ليت أمي لم تلدني وليتني ... رجعت إلى القول الذي قال لي عمر
ويا ليتني أرعى المخاض بقفرة ... وكنت أسيراً في ربيعة أو مضر ثم سألني عن حسان رضي الله عنه أحي هو؟ قلت له: نعم تركته حياً، فأمر لي بمال كثير وكسوة وأمر له بمال وكسوة ونوق موقرة براً ثم قال: إن وجدته حياً فادفع إليه هديتي وأقرأه سلامي، وإن وجدته ميتاً فادفعها إلى أهله وانحر الإبل على قبره. فلما قدمت على عمر رضي الله عنه أخبرته خبر جبلة وما دعوته إليه من الإسلام والشرط الذي اشترطه وأني ضمنت له التزويج ولم أضمن له الأمر، قال: فهلا ضمنت له الأمر فإذا فاء الله به إلى الإسلام قضى علينا بحكمه عز وجل، ثم ذكرت له الهدية التي أهداها إلى حسان بن ثابت رضي الله عنه فبعث إليه فأقبل وقد كف بصره وقائده يقوده، فلما دخل قال: يا أمير المؤمنين إني لأجد رياح آل جفنة عندك، قال: نعم هذا رجل أقبل من عنده، قال: هات يا ابن أخي ما بعث إلي معك، قلت: وما علمك؟ قال: يا ابن أخي إنه كريم من عصبة كرام، مدحتهم في الجاهلية فحلف ألا يلقى أحداً يعرفني إلا أهدى إلي معه شيئاً، قال: فدفعت إليه المال والثياب وأخبرته بما كان أمر به في الإبل إن وجد ميتاً، قال: وددت إني كنت ميتاً فنحرت على قبري، قال: ثم جهزني عمر رضي الله عنه إلى قيصر وأمرني أن أضمن لجبلة ما اشترط به فلما قدمت القسطنطينية وجدت الناس منصرفين من جنازته، فعلمت أن الشقاء غلب عليه. قالوا: وكان طوله اثني عشر شبراً.
جمع [1] :
هي المزدلفة، وكلها مشعر إلا بطن محسر، ومنها تؤخذ حصى الجمرات، وبذلك فسر علي وابن مسعود رضي الله عنهما قوله تعالى: " فوسطن به جمعاً " قالا: يعني المزدلفة، ومسجد المزدلفة أسفل من المسجد الحرام عن يسارك إذا مضيت إلى عرفات، وفيه يجمع بين المغرب والعشاء إذا نفرت من عرفات لقوله صلى الله عليه وسلم: " الصلاة أمامك "، وهو الذي عنى الشريف الرضي أو غيره بقوله [2] :
عارضاً بي ركب الحجاز نسائل ... هـ متى عهده بأيام جمع
واستملا حديث من سكن الخي ... ف ولا تكتباه إلا بدمعي
فاتني أن أرى الديار بطرفي ... فلعلي أرى الديار بسمعي [1] معجم ما استعجم 2: 392. [2] ديوان الرضي 1: 657.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 171