responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم    الجزء : 1  صفحة : 17
(التي أوردها بعد وبار) ظناً منه أن ما بعد الواو باء موحدة، وصحتها وندار أو الزيدان (التي أوردها في باب الزاي المشفوعة بالياء وهي الزبداني) فقد كنت أصححه في المتن، لأن المادة لا تستدعي نقلاً من حرف إلى حرف.
أما الفروق في القراءات فلم أثبت منها إلا ما وجدته ضرورياً أو هاماً، وأضربت عما كان وهماً خالصاً من الناسخين، وكذلك صنعت في عرض الكتاب على مصادره، إذ كان المؤلف في كثير من الأحيان يوجز بالحذف أو التلخيص، كذلك فإني أفدت من الزيادات التي أوردها الأستاذ بروفنسال إذ اعتبرت نشرته بمثابة نسخة أخرى في هذا الصدد وحده ولم أشر إلى ما صوبته في نصه من قراءات أو ما استدركته عليه لنقص في النسخ التي اعتمدها، فذلك يثقل الحواشي بما لا ضرورة له. وليس بين ما نشره الأستاذ رنزيتانو وبين القراءات التي اعتمدتها إلا فروق يسيرة جداً لأنه إنما كان اعتماده على مخطوطة بيرم باشا وعلى أصل النسخة (ص) . وربما كان الاطلاع على مزيد من النسخ كفيلاً بإبراز فروق أخرى، ولكن ذلك مما لم تتحه لي الظروف التي عملت أثناءها في تحقيق هذا الكتاب.
وفي ختام هذه الكلمة أود أن أتقدم بالشكر الجزيل لصديقي العلامة الحجة الأستاذ الشيخ حمد الجاسر، فقد كان له الفضل في تنبيهي إلى اعتماد كل من الناصري في رحلته والسمهودي في ملخص وفاء الوفا على الروض المعطار، كما تلطف - حفظه الله - بمراجعة قسم من مواد الكتاب، وزودني بتعليقاته العلمية المفيدة؛ وجزيل شكري لصديقي اعالم الكبير الأستاذ زهير شاويش الذي أذن بتصوير نسخة (ص) حين كانت في حوزته بموافقة الشيخ محمد نصيف رحمه الله، فإنه كان أسخى الناس في تشجيع الأعمال العلمية، وكل ما أتمناه أن يكون ما بذلته من جهد في إخراج هذا الكتاب وفاء بفضل كبير تلقيته من هذين الصديقين العزيزين ومن سائر أصدقائي الذين كانوا يتطلعون إلى روية الكتاب مشمولاً بهذه العناية المتواضعة، والله الموفق.
بيروت في شهر أيار (مايو) 1974 إحسان عباس

فإذا حمي رش بالخل ورمي بالمنجنيق بزبر الحديد، وأقاموا على ذلك أياماً حتى فتحوا الثلمة التي فيها الآن، فدخلوا ذلك الهرم فوجدوا بنيانه بالحديد والرصاص، ووجدوا عرض الحائط عشرين ذراعاً، ووجدوا بالقرب من الموضع الذي فتحوا مطهرة من حجر أخضر فيها مال، فقال المأمون: زنوه، فوزنوا الجملة فوجدوا، فيها مالاً معلوماً، وكان المأمون فطناً فقال: ارفعوا ما أنفقتم على فتح هذه الثلمة، فوجدوه موازياً لما وجد من المال، فعجب المأمون من معرفتهم بالموضع الذي يفتح على طول الزمان، وازداد بعلم النجوم غبطة، ووجد المأمون في الهرم صنماً أخضر ماداً يده وهو قائم فلم يعلم خبره، ونظر إلى الزلاقة والبئر التي في الهرم وأمر بالنزول فيه، فأفضوا إلى صنم أحمر عيناه من جزعتين سواد في بياض كأنهما حدقتا إنسان ينظر إليهم، فهالهم أمره وقدروا أن له حركة فجزعوا منه وخرجوا، ويقال إنه وجد فيها مالاً كثيراً. وسأل المأمون من وجد بمصر من علمائها هل لهذه الأهرام أبواب فقيل لها أبواب تحت الأرض في آزاج مبنية بالحجارة كل واحد منها عشرون ذراعاً له باب من حجر واحد يدور بلولب إذا أطبق لم يعرف أنه باب، وصار كالبنيان لا يدخل إليه الذر ولا يوصل إليه إلا بكلام وقرابين وبخورات معروفة، وإن في هذه الأهرام فنوناً من الذهب والفضة والكيمياء وحجارة الزبرجد الرفيع والجواهر النفيسة ما لا يسعه وصف واصف، وفيها من الكتب المستودعة فيها طرائف الحكمة وكمال الصنعة ومن التماثيل الهائلة من الذهب الملون على رؤوسها التيجان الفاخرة مكللة بالجواهر النفيسة ما يستدل به على عظم ملكهم، وجعلوا على ذلك من الطلسمات ما يمنع منه ويدفع عنه إلى أوقات معلومة، وقصدوا بذلك أن تكون تلك الأشياء ذخيرة لأعقابهم ولمن يكون بعدهم ليروا عظيم مملكتهم، ووضعوا أساس تلك الأعلام وقت السعادة، وجعلوا في أساس كل علم منها صنماً، وزبروا في صدورها دفع المضار والآفات عنها، وفي يد كل صنم منها آلة كالبوق وهو واضعه على فيه، والخبر عن هذه الأهرام والبرابي مذكور في المطولات.
ويقال [1] إن ذا النون الإخميمي الزاهد إنما قدر على ما قدر عليه من علوم البربى حتى عمل الصنعة الكبيرة لأنه خدم راهباً كان بإخميم مدة صباه فعلمه قراءة الخط الذي في البربى وعلمه القربان والبخور واسم الروحاني وأوصاه أن يكتم ذلك، فلما علم ذا النون ما علم من علم الكيمياء وغيرها عمد إلى طين الحكمة فطمس به على صنعة الكيمياء حتى لا يبلغ إليها أحد غيره وهو طين لا ينقلع أبداً.
وفي [2] بعض الأخبار أن قوماً قصدوا الأهرام فنزلوا في تلك الآبار وطلبوا أن يدخلوا من تلك المضايق التي تخرج منها تلك الرياح، واحتملوا معهم سرجاً في أواني زجاج، فلما حصلوا في تلك المضايق التي تخرج منها الرياح، خرجت عليهم ريح شديدة فأخرجتهم منها، وأطفأت أكثر سرجهم، فأخذوا أحدهم وكان أقواهم جأشاً وأشدهم عزماً وأصلبهم قلباً، فربطوا وسطه بالحبال وقالوا له: ادخل فإن رأيت شيئاً تكرهه جذبناك، فلما دخل المغرور وزاحم تلك الرياح انطبق عليه الفتح فجذبوه فانقطعت حبالهم وبقي ذلك الرجل في ذلك الشق وهم لا يعلمون له خبراً، فصعدوا هاربين حتى خرجوا من تلك البئر واغتموا لما أصاب صاحبهم، فجلسوا عند الثلمة مفكرين في أمر صاحبهم وفي أمرهم وما أقدموا عليه، فبينا هم كذلك إذ انفرجت من الأرض فرجة كالكرة وأنارت لهم ذلك الرجل عرياناً مشوه الخلق جامد العينين وهو يتكلم بكلام عجيب لا يفهم، فلما فرغ من كلامه سقط ميتاً، فازداد وجلهم وتضاعف حزنهم، وعلموا أنهم خلصوا من أمر عظيم، فاحتملوا صاحبهم واتصلت أنباؤهم بوالي مصر وهو يومئذ ابن المدبر وفي أيام المتوكل، فسألهم عن أمرهم فأخبروه، فعجب من ذلك وأمر أن يكتب الكلام الذي قاله ذلك الرجل الذي مات حسبما قاله، وأقام ابن المدبر يطلب من يفسره له، إلى أن وجد رجلاً يعرف شيئاً من ذلك اللسان، ففسره: هذا جزاء من طلب ما ليس له وأراد الكشف عما لم يخبأه، فليعتبر من رآه قال: فمنع حينئذ ابن المدبر أن يتعرض أحد للأهرام.
وفي خبر آخر [3] أن جماعة دخلوا الهرم فوجدوا في بعض البيوت زلاقة إلى بئر، فنزلوا فيها، فوجدوا سرباً فساروا فيه نصف يوم حتى انتهوا إلى حفير عميق وفي عدوته باب لطيف، فكانوا يتبينون فيه شعاع الذهب والفضة والجواهر النفيسة، ومن رأس الحفير مما يليهم إلى ذلك الباب المحاذي لهم الذي فيه الذهب والجوهر عمود حديد قد ألبس محوراً من حديد يدور عليه ولا يستمسك

[1] الاستبصار: 58.
[2] الاستبصار: 59.
[3] المصدر نفسه: 60.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم    الجزء : 1  صفحة : 17
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست