اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 162
لقيت أمير المؤمنين شافهته بالمال فلا ينعقد عليك ما ينعقد، فأبى يزيد وأمضى الكتاب ومات سليمان قبل أن يصل إليه الكتاب، وطولب يزيد بعد ذلك بالمال، وكأن الذي أشار عليه رأى الغيب من ستر رقيق.
وكرز [1] من أهل جرجان أزهد الناس في زمانه حتى قال سفيان بن عيينة: لو كان أحد يكتفي بالتراب قوتاً لاكتفى به كرز، وقبره بجرجان يزار ويقصد، وقال الشاعر:
لو شئت كنت ككرز في تعبده ... أو كابن طارق حول البيت والحرم
قد حال دون لذيذ العيش خوفهما ... وسارعا في طلاب الفوز والكرم والقاضي الجرجاني هو أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني [2] قاضي القضاة بالري، وهو صاحب الأبيات المشهورة الشريفة:
يقولون لي فيك انقباض وإنما ... رأوا رجلاً عن موقف الذل أحجما
إذا قيل هذا منهل قلت قد أرى ... ولكن نفس الحر تحتمل الظما
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي ... لأخدم من لاقيت لكن لاخدما
أأغرسه عزاً وأجنيه ذلة ... إذاً فاتباع الجهل قد كان أحزما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ... ولو عظموه في النفوس لعظما
ولكن أهانوه فهان ودنسوا ... محياه بالأطماع حتى تجهما
الجرجانية [3] :
هي المدينة الكبرى والقاعدة العظمى من خوارزم، وهي مدينتان على ضفة النهر يجاز بينهما بالمراكب، واسم المدينة الشرقية منها درغاش والمدينة الغربية هي الجرجانية، وهي كبيرة عامرة ذات أسواق وربض وسور محيط بالربض، والمدينة طولها نحو من تسعة أميال في مثلها، وهي متجر الغزية، ومنها يخرج الرفاق إلى أرض جرجان وكانت تخرج إلى الخزر على مر الأيام وإلى سائر بلاد خراسان.
قالوا: ومرو ونيسابور وبلخ مع عظم كل واحدة من هذه تقصر عن الجرجانية بانفرادها وانها كانت سرير السلطان الأعظم صاحب الأقاليم السلطانية ورب العساكر الكثيفة خوارزم شاه. ونزل عليها الططر سنة ثمان عشرة وستمائة وكان بها حينئذ عسكر جليل وأمراء مشهورون فحاصروها الحصار الشديد، فدام عليها الحصار المتصل خمسة أشهر، وقتل من الفريقين خلق عظيم، فأرسل الططر المحاصرون إلى خاقانهم وهو مشغول بثقاف خراسان فأمدهم بعشرين ألف مقاتل، وقاتلهم أهل الجرجانية قتالاً شديداً حتى ظهر في ذلك النساء والصبيان، إلى أن ملك الططر المدينة وقتلوا فيها كل ذي روح، وقيل لهم إن الناس اختفوا في سراديب وأماكن غامضة ففتحوا سكر جيحون وغرقوا المدينة بذلك النهر الأعظم، وتركوا موضعها أجمة فما نجا من أهلها أحد، ومن ذلك الحين عدل جيحون عن الصب في بحيرة خوارزم وسلك غير طريقه في الرمال إلى أن صير في بحر طبرستان بساحل دهستان.
جرباذقان [4] :
مدينة في داخل المشرق، ذكرها السلفي في الأربعين البلدانية. جراوة مكناسة[5] :
مدينة في سهل من الأرض وكان عليها سور مبني بالطوب، وداخلها قصبة، وحولها أرباض من جميع جهاتها وعيون متفجرة، وداخلها آبار عذبة وخمسة حمامات أحدها ينسب إلى عمرو بن العاصي رضي الله عنه، وجامع من خمس بلاطات على أعمدة حجارة. وأسسها أبو العيش عيسى بن ادريس بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن حسن بن حسن سنة تسع وخمسين ومائتين، وكان لها بابان شرقيان وثالث غربي ورابع [1] كرز بن وبرة: كوفي الأصل سكن جرجان (صفة الصفوة 3: 67) . [2] ترجمته في ابن خلكان 3: 278، وفي الحاشية ذكر لمصادر أخرى. [3] نزهة المشتاق: 212. [4] قال ياقوت: بلدة قريبة من همذان بينها وبين الكرخ واصبهان، وهناك بلدة أخرى بهذا الأسم بين استراباذ وجرجان. [5] البكري: 142.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 162