اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 143
من أعظم مدن المغرب، فلما رجع قال: أمر على مدينتي تهودة وبادس لأعرف ما يكفيهما من العدة والجيوش، فلما انتهى إلى مدينة تهودة اعتمده كسيلة بن أقدم وكان أميرها في جيش الروم، وكان قد سمع بتفرق جيش عقبة، وأقبلت إليه أيضاً عساكر البربر فلما رآهم عقبة وأصحابه كسروا أجفان سيوفهم وزحفوا إليهم فقاتلوا حتى قتلوا جميعاً رحمة الله عليهم، وقبر عقبة اليوم بتهودة على مقربة منها بمرحلة.
توريز:
وهي المعروفة في كتب الأدب بتبريز، نزل عليها الططر سنة ثمان عشرة وستمائة فلما قاربوها فارقها سلطان أذربيجان أزبك بن البهلول بنسائه وأهله وما خف من ذخائره واعتصم بقلعة خوي وخلف على توريز نائباً جمع كلمة أهلها وظهر منهم حزم وجلد، وتحالف مع رجال البلد على الموت ووعظهم وحذرهم ما نزل بغيرهم كأهل الطالقان وقزوين وهمذان، فعملوا حساب الموت وفي مدينتهم منعة بالمياه والسباخ التي يحرزونها، وبلغ ذلك الططر فراسلوه في مال وهدايا، فحمل لهم من ذلك ما أرضاهم فرحلوا عنهم إلى إقليم الران. توج:
مدينة في أرض فارس كان قصدها مجاشع بن مسعود [1] فيمن معه من المسلمين فالتقوا بتوج مع أهل فارس فاقتتلوا ما شاء الله تعالى، ثم إن الله عز وجل سلط المسلمين على أهل توج فهزموهم وقتلوهم كل قتلة وبلغوا منهم ما شاءوا وغنمهم ما في عسكرهم فحووه ثم دعوا إلى الجزية والذمة فراجعوا وأقروا وخمس [2] مجاشع الغنائم وبعث بجميعها ووفد وفداً. وحدث عاصم بن كليب عن أبيه قال: خرجنا مع مجاشع غازين توج، فحاصرناها وقاتلناها ما شاء الله فلما افتتحناها حوينا نهباً كثيراً وقتلنا قتلى عظيمة وكان علي قميص قد تخرق فنظرت إلى رجل في القتلى عليه [3] قميص فنزعته فأتيت به الماء فجعلت أضربه بين حجرين حتى ذهب ما فيه فلبسته، فلما جمعت الغنائم قام مجاشع خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس لا تغلوا فإنه من غل جاء بما غل يوم القيامة ردوا ولو المخيط فلما سمعت ذلك نزعت القميص فألقيته في الأخماس وفي ذلك يقول مجاشع:
ونحن ولينا مرة بعد مرة ... بتوج أبناء الملوك الأكابر
لقينا جيوش الماهيان بسحرة ... على ساعة تلوي بأهل الخطائر
فما فتئت خيلي تكر عليهم ... ويلحق منهم لاحق غير جائر
لدن غدوة حتى أتى الليل دونهم ... وقد عولجوا بالمرهفات البواتر
وكان كذاك الدأب في كل كورة ... أجابت لإحدى المنكرات الكبائر
تونس [4] :
مدينة بإفريقية محدثة إسلامية، سمعت من يحدث أنها أحدثت عام ثمانين، قال بعضهم: لم يقصد بها أول أمرها وضع مدينة، وإنما اجتمع الناس إليها وبنوا وسكنوا وزادوا حتى صارت مدينة وعمرت، وكان أبو جعفر المنصور إذا قدم عليه رسول صاحب القيروان يقول له: ما فعلت إحدى القيروانين يعني تونس تعظيماً لها ويوصف أهلها في قديم الزمان بالقيام على الأمراء. وهي اليوم قاعدة البلاد الإفريقية وأم بلادها وحضرة السلاطين من الخلفاء الحفصيين ومهاجر أهل الأقطار من الأندلس والمغرب وغيرهما فكثر خلقها واتسع بشرها ورغب الناس في سكناها وأحدثوا بها المباني والكروم والبساتين والغروس حتى بلغ ذلك النهاية التي لا توجد في غيرها، وبينها وبين القيروان مسيرة ثلاثة أيام وبينها وبين البحر نحو أربعة أميال وبين تونس وقرطاجنة نحو عشرة أميال وبين تونس ومرساها بحيرة يقال إنها كانت منذ مائتي سنة أرضاً كثيرة الجنات والمياه والزرع طيبة الفواكه فغلب عليها ماء البحر، ولها سور يدور بها ويقال إن دورها أربع وعشرون ألف ذراع، وجامعها مليح الصنعة حسن الوضع متقن البناء مطل على البحر بناه عبيد الله بن الحبحاب هو ودار الصناعة سنة أربع عشرة ومائة وأنفذ إليها البحر. وتونس في سفح جبل وبها مبان عجيبة وجل عضادات أبواب دورها رخام أبيض، لوحان قائمان وثالث معترض مكان العتبة، ومن الأمثال بإفريقية: دور تونس أبوابها رخام وداخلها سخام. قالوا: وهي دار علم وفقه وأكثر البلاد [1] الطبري 1: 2694. [2] ص ع: وجمع. [3] سقطت من ع. [4] الاستبصار: 120، والبكري: 37، وصبح الأعشى 5: 102.
اسم الکتاب : الروض المعطار في خبر الأقطار المؤلف : الحميري، ابن عبد المنعم الجزء : 1 صفحة : 143