ثم مضى خالد بن الوليد إلى مسلمة باليمامة؛ فقتل الله مسيلمة؛ وفي ذلك يقول رجل من بني أسد بن حزيمة:
لعمرك ما أهل الأقيداع بعدما ... بلغت أباض العرض مني بمخلق
إذا قال سيف الله: كروا عليهم! ... كررنا ولم نحفظ وصاة المعوق
وخالد الذي صالح أهل الحيرة، وفتح السواد؛ وأمره أبو بكر؛ فسار إلى الشأم، فلم يزل بها حتى عزله عمر بن الخطاب. ثم هلك خالد بالشأم، ثم أوصى إلى عمر بن الخطاب؛ فتولى عمر وصيته؛ وسمع عمر راجزاً يقول:
إذا رأيت خالداً تخففا ... وهبت الريح شمالاً حرجفا
وكان بين الأعجمين منصفا ... فرد بعض القوم لو تخلفا
فقال عمر: " رحم الله خالداً "، فقال طلحة بن عبيد الله:
لا أعرفنك بعد اليوم تندبني ... وفي حياتي ما زودتني زادي
فقال عمر: " إني ما عتبت على خالد إلى في تقدمه وما كان يصنع بالمال ". وكان خالد إذا أصاب المال قسمه في أهل القتال، ولم يدفع إلى أبي بكر حساباً. وكان فيه تقدم على رأي أبي بكر، يفعل أشياء لا يراها أبو بكر: تقدم على قتل مالك بن نويرة، وصالح أهل اليمامة، ونكح ابنة مجاعة بن مرارة: فكره ذلك أبو بكر، وعرض الدية على متمم بن نويرة، وأمر خالداً بإطلاق امرأة مالك بن نويرة؛ ولم ير أن يعزله. وكان عمر ينكر هذا على خالد وشبهه.