اسم الکتاب : وفيات الأعيان المؤلف : ابن خلكان الجزء : 1 صفحة : 374
الباب فقال لي: لم تصدقنا حتى قيل لك، فقعدت في غد الناس بالجامع وانتشر في الناس أن الجنيد قعد يتكلم على الناس، فوقف علي غلام نصراني متنكراً وقال: أيها الشيخ، ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم اتقوا فراسة المؤمن فإنه بنور الله فأطرقت ثم رفعت رأسي وقلت: أسلم فقد حان وقت إسلامك، فأسلم الغلام.
وقال الشيخ الجنيد: ما انتفعت بشيء انتفاعي بأبيات سمعتها، قيل له: وما هي قال: مررت بدرب القراطيس فسمعت جارية تغني من دار فأنصت لها فسمعتها تقول:
إذا قلت أهدى الهجر لي حلل البلى ... تقولين لولا الهجر لم يطب الحب
وإن قلت هذا القلب أحرقه الهوى ... تقولي بنيران الهوى شرف القلب
وإن قلت ما أذنبت قلت مجبية ... حياتك ذنب لا يقاس به ذنب فصعقت وصحت، فبينما أنا كذلك إذا بصاحب الدار قد خرج فقال: ما هذا يا سيدي فقلت له: مما سمعت، فقال: أشهدك أنها هبة من يلك، فقلت: قد قبلتها وهي حرة لوجه الله تعالى، ثم زوجتها لبعض أصحابنا بالرباط فولدت له ولداً نبيلاً، ونشأ أحسن نشوء، وحج على قدميه ثلاثين حجة على الوحدة.
وآثاره كثيرة مشهورة.
وتوفي يوم السبت - وكان نيروز الخليفة - سنة سبع وتسعين ومائتين، وقيل: سنة ثمان وتسعين آخر ساعة من نهار الجمعة ببغداد، ودفن يوم السبت بالشونيزية عند خاله سري السقطي، رضي الله عنهما. وكان عند موته - رحمه الله تعالى - قد ختم القرآن الكريم ثم ابتدأ في البقرة فقرأ سبعين آية، ثم مات. [قال محمد بن إبراهيم: رأيت الجنيد في المنام فقلت له: ما فعل الله بك قال: طاحت تلك الإشارات وغابت تلك العبارات وفنيت تلك العلوم ونفدت تلك الرسوم وما نفعنا إلا ركعات كنا نركعها في الأسحار] .
وإنما قيل له " الخزار " لأنه كان يعمل الخز، وإنما قيل له القواريري لأن أباه كان قواريرياً.
اسم الکتاب : وفيات الأعيان المؤلف : ابن خلكان الجزء : 1 صفحة : 374