اسم الکتاب : وفيات الأعيان المؤلف : ابن خلكان الجزء : 1 صفحة : 373
144 - (1)
الجنيد الصوفي
أبو القاسم الجنيد بن محمد بن الجنيد الخزاز القواريري، الزاهد المشهور؛ أصله من نهاوند، ومولده ومنشؤه العراق، وكان شيخ وقته وفريد عصره، وكلامه في الحقيقة مشهور مدون، وتفقه على أبي ثور صاحب الإمام الشافعي رضي اله عنهما، وقيل: بل كان فقيها على مذهب سفيان الثوري رضي الله عنه. وصحب خاله السري السقطي والحارث المحاسبي وغيرهما من جلة المشايخ رضي الله عنهم. وصحبه أبو العباس ابن سريج الفقيه الشافعي، وكان إذا تكلم في الأصول والفروع بكلام أعجب الحاضرين فيقول لهم: أتدرون من أين لي هذا هذا من بركة مجالستي أبا القاسم الجنيد، وسئل الجنيد عن العارف فقال: من نطق عن سرك وأنت ساكت، وكان يقول: مذهبنا هذا مقيد بالأصول والكتاب والسنة [2] . وحضر الجنيد موضعا فيه قوم يتواجدون على سماع يسمعونه وهو مطرق، فقيل له: أبا القاسم، ما نراك تتحرك! فقال (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب، صنع الله) .
ورئي يوماً وفي يده سبحة، فقيل له: أنت مع شرفك تأخذ في يدك سبحة فقال: طريق وصلت به إلى ربي لا أفارقه.
وقال الجنيد: قال لي خالي سري السقطي: تكلم على الناس، وكان في قلبي حشمة من الكلام على الناس، فإني كنت أتهم نفسي في استحقاقي ذلك، فرأيت ليلة في المنام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت ليلة جمعة، فقال لي: تكلم على الناس، فانتبهت، وأتيت باب السري قبل أن أصبح، فدققت
(1) ترجمة الجنيد في ابن الأثير 8: 62 وحلية الأولياء 10: 255 وصفة الصفوة 2: 235 وتاريخ بغداد 7: 241 وطبقات أبي يعلى: 89 وطبقات السبكي 2: 28. [2] في نسخة آيا صوفيا: مقيد بالأصلين: الكتاب والسنة.
اسم الکتاب : وفيات الأعيان المؤلف : ابن خلكان الجزء : 1 صفحة : 373