اسم الکتاب : منازل الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد المؤلف : السلماسي، يحيى بن إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 227
فرفع رأسه وانتهرني وهو غضبان وقال: لا تقل رأي الشافعي فإنه ليس برأي، ولكنه ردَّ من خالف سنتي[1].
قال أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري صاحب التصانيف الكثيرة: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ببغداد في المحرم سنة ست وتسعين وثلثمائة فقلت: يا رسول الله ما تقول في صحيح البخاري؟ قال: كله صحيح أو جيد لو أدخل الشافعي فيه[2]. [1] أبو إسحاق الشيرازي في طبقات الفقهاء ص105،107، وأبو نعيم في الحلية 9/100، والبيهقي في المناقب 1/272، والذهبي في سير الأعلام 10/43.
قال محقق السير معلقًا: "ومتى كان المنام حجة عند أهل العلم؟ فمالك وأبو حنيفة وغيرهما من الأئمة العدول الثقات اجتهدوا، فأصاب كل واحد منهم في كثير مما انتهى إليه اجتهاده فيه وأخطأ في بعضه، وكل واحد منهم يؤخذ من قوله ويرد، فكان ماذا؟. اهـ
قلت: فإن الأئمة المجتهدين كمالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم لم يقل واحد منهم لأتباعه: اتبعوني وخذوا بجميع أقوالي واتركوا النظر في الدليل، وإنما ثبت عن كل واحد من الأئمة قوله: "إذا خالف قولي قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم فالحجة في قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم واضربوا بقولي عرض الحائط"، وجميعهم أصحاب فضل وعلم واجتهاد، فمن أصاب منهم فله أجران، ومن أخطأ فله أجر واحد، فالموفق للخير من والى هؤلاء الأئمة، وعرف فضلهم، وقدّر جهودهم ولم يعتقد العصمة فيهم. [2] قال الحافظ الخطيب البغدادي: فترك البخاري الاحتجاج بالشافعي، إنما هو لا لمعنى يوجب ضعفه، لكن غَنِيَ عنه بما هو أعلى منه، إذ أقدم شيوخ البخاري مالك، والدَّراوَرْدي، وداود العطار، وابن عييينة، والبخاري لم يدرك الشافعي بل لقي من هو أسن منه، كعبيد الله ابن موسى، وأبي عاصم ممن رووا عن التابعين، وحدَّثه عن شيوخ الشافعي عدة، فلم ير أن يروي عن رجل عن الشافعي عن مالك.
قال الخطيب: والبخاري يتَّبع الألفاظ بالخبر في بعض الأحاديث ويراعيها، وإنا اعتبرنا روايات الشافعي التي ضمَّنها كتبه، فلم نجد فيها حديثاً واحدا على شرط البخاري أغرب به، ولا تفرد بمعنى فيه يشبه ما بيناه - وهو أن البخاري لم يرو حديثاً نازلاً وهو عنده عالٍ، إلا لمعنى ما يجده في العالي - ومثل ذلك القول في ترك مسلم إياه، لإدراكه ما أدرك البخاري من ذلك، وأما أبو داود فأخرج في (سننه) للشافعي غير حديث، وأخرج له الترمذي، وابن خزيمة، وابن أبي حاتم. ا. هـ (نقله الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء 10/56) .
وقال الحافظ ابن كثير: "وإنما لم يخرِّج له - أي الإمام الشافعي - صاحبا الصحيح لنزول إسناده عندهما، وإلا فجلالته وإمامته مجمع عليها. (ر: مناقب الإمام الشافعي ص140) .
وقد سبق التعليق على أن الرؤى والمنامات ليست من طرق العلم وإثبات الأدلة عند أهل العلم.
اسم الکتاب : منازل الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد المؤلف : السلماسي، يحيى بن إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 227