على مذهب الإمام أحمد بن حنبل وتعلمون أعزكم الله أن المطاع في كثير من البلدان لو تبين بهاتين المسألتين أنها تكبر على العامة الذين درجوا وآباؤهم على ضد ذلك وأنتم تعلمون رحمكم الله أن في ولاية الشريف أحمد بن سعيد وصل إليكم الشيخ عبد العزيز[1] بن عبد الله وأشرفتم على ما عندنا بعدما احضروا كتب الحنابلة التي عندنا عمدة كالتحفة والنهاية عند الشافعية فلما طلب منا الشريف غالب أعزه الله ونصره امتثلنا وهو إليكم واصل فان كانت المسألة إجماعا فلا كلام وان كانت مسألة اجتهاد فمعلومكم أنه لا إنكار في مسائل الاجتهاد فمن أفتى بمذهبه في ولايته لا ينكر عليه وأنا أشهد الله وملائكته واشهدكم أني على دين الله ورسوله وأني متبع لأهل العلم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
فقدم الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحصين مكة المشرفة فأكرمه غالب وأجتمع به مرات وعرض عليه رسالة الشيخ فعرف ما بها من الحق فأذعن الشريف وأقر بذلك وطلب منه الشيخ عبد العزيز حضور العلماء للمناظرة في التوحيد فأبوا: وقالوا هؤلاء يريدون أن يقطعوا جوائزك التي من أجدادك ويملكون بلادك فارتعش قلبه وطار لبه فرجع الشيخ عبد العزيز إلي نجد وأفهم الإمام عبد العزيز والشيخ محمدا بما حصل من تهرب علماء مكة عن المناظرة. وكان المترجم مع ما اتصف به من الإخلاص للدين زاهدا ليس للدنيا عنده قدر ولا يركن إليها ولا يتعاطاها أمضى عمره وقطع وقته في نسخ الكتب النافعة وطلب العلم وبذله وبلغ من زهده وورعه أنه إذا دخل عليه وقت حصاد الزرع وجذاذ ثمرة النخل _ قوت سنته من الحنطة والتمر من يبت المال وقد بقي عنده شيء من قوت السنة الماضية وثمرتها أعاده لبيت المال ولا يترك عنده منه شيئا وكان _ رحمه الله _ يحب طالب العلم محبة عظيمة كأنه ولده بالتودد إليه وتعليمه وإدخال السرور عليه والقيام بما ينوبه من بيت المال وكانت كلمته. [1] المترجم.