المساورة، وجزعاً من منازلة الأقران، ومقابلة ذوابل المران، ومقاسات الطعان، وملاقات أبطال كالرعان، ورأى أن المطالعة، أربح من المقارعة، ومعانات العلوم، أريح من مداوات الكلوم، فقد كان عاكفاً على تلاوة ديوان، عارفاً بإجادة صدر وعنوان، فعلم المعتمد ما نواه، وتحقق ما لواه، فأعرض عنه، ونفض يده منه، ووجه المعتد مع ذلك الجيش الذي لم تنشر بنوده، ولم تصر جنوده، فعند ما لقوا العدو لاذوا بالفرار، وعادوا بإعطاء الغرة بدلاً من الغرار، وتفرقوا في تلك الأماريت، وفرقوا من تخطف أولئك العفاريت، فتحيف العدو من بقي مع المعتد واهتضمه، وخضم ما في العسكر وقضمه، وغدت مضاربه مجر عواليه، ومجرى مذاكيه، وآب أخسر من بائع السدانة، ومضيع الأمانة، فانطبقت سماء المعتمد على أرضه، وشغلته عن إقامة نوافله وفرضه، فكتب إليه الراضي: بسيط
لا يكرثنك خطب الحادث الجاري ... فما عليك بذاك الخطب من عارِ
ماذا على ضيغمٍ أمضى عزيمته ... أن خانه حدّ أنياب وأظفارِ
لئن أتوك فمن جبنٍ ومن خورٍ ... قد ينهض العير نحو الضغيم الضاري
عليك للناس أن تبقى لنصرتهمْ ... وما عليك لهم إسعاف أقدارِ
لو يعلم الناس ما في أن تدومَ لهم ... بكوا لأنّك من ثوب الصبا عارِ
ولو أطاقوا انتقاصاً من حيوتهم ... لهم يتحفوك بشيء غير إعمارِ
فحجب عنه وجه رضاه، ولم يستلمه بذلك ولا أرضاه، وتمادى على أعراضه، وقعد عن إظهاره وإنهاضه، حتى بسطته سوانح السلو وعطفته عليه جوانح الحنو، فكتب إليه بهزل، غلب فيه كل منزع جزل، وهو: كامل مجزوء
الملك في طيّ الدفاتر ... فتخلّ عن قود العساكر
طف بالسرير مسلّماً ... وأرجع لتوديع المنابر
وازحف إلى جيش المعا ... رف تقهر الحبر المقامر
واطعن بأطراف اليرا ... ع نصرت في ثغر المحابر
واضرب بسكّين الدوا ... ة مكان ماضي الحدّ باتر
أولستَ رسطاليس أن ... ذكر الفلاسفة الأكابر
وكذاك أن ذكر الخلي? ... ?ل فأنت نحويّ وشاعر