سلاماً يلتزمك في مقامك وسفرك، ويصحبك سرى أمامك وتأويباًِ على أثرك، ورحمة الله وبركته، ولما اشتهرت المخاطبة والجواب، وبهر الإبداع منهما
والإغراب، وتهاداها كل ذكي وتعاطاها، وتوسد خد نباهته ابردي ارطاها، كتب إليه الأجل الفقيه الحافظ أبو الفضل ابن عياض في ذلك، قد وقفت أعزكما الله على بدائعكما الغريبة، ومنازعكما البعيدة القريبة، ورأيت ترقيكما من الزهر إلى الزهر، وتنقلكما إلى الدراري بعد الدر، فاحتما حمى النجوم، وقذفتماها من ثواقب أفهامكما بالرجوم، وتركتماها بعد الطلاقة ذلت جوم، فحللتما بسيطها غارة شعواء، لها ما عوت أكلب العواء، هناك افترست الفوارس، ولم تغن عن السماك الداعس، وغودرت النثرة نثاراً، وأغشي لؤلؤها نقعاً مثارا، كان لكما قبلها ثارا، وأشعرت العشريان ذعراً، قطعت له إحداهما أواصر الأخرى، فأخذ بالحزم منها العبور، وبدرت خيلكما وسيلكما بالعبور، وحذرت اللحاق عن أن تعوق، عن منحنى العيوق، فخلفت أختها تندب عهد لوفاء، وتجهد جهدها في الاختفاء، وكأن الثريا حين ثرتم بقطينها، اتقتكم بيمينها، فجذذتم بنانها، وبذلتم للخصيب أمانها، فعندها استسهل سهيل الفرار، فأبعد بيمنه القرار، وولى الدبران أثره دبرا، وذكر البعاد فوقف متحيراً، وعادت العوائد بشامها، والقت الجوزاء للأماني بنطاقها ونظامها، فمهلاً أعزكما الله سكنا الدهماء، فقد ذعرتما حتى نجوم السماء، فغادرتماها بين برق وفرق، وغرق أو حرق، فتزحزحا في مجدكما قليلاً، واجعلا بعدكما للناس إلى البيان سبيلا، فقد أخذتما بآفاق المعالي والبدائع، لكما قمراها والنجوم الطوالع، فكتب إليه مرجعاً عنها، بمثل نباهتك سارت الأخبار، وفيك وفي بداهتك اعتبار، لقد نلت فيها كل طائل، وقلت فلم تترك مقالاً لقائل، وعززت بثالث هو الجميع، وبرزت فأين من شارك الصاحب والبديع، جلاء بيان، في خفاء معان، هذا أثب للسهى جلالاً، وأشاد فيه لذوي النهى أمثالاً، وذاك رفع للأقمار لواء، والقى على شمس النهار بهجة وضياء، أقسم بسبقك، ومقدم حقك، لئن أفحمت بما نطقت، لقد أفهمت عن أي صبوح رفقت، ومهما أبهمت تفسيراً، فدونك منه شيئاً يسيراً، لما اعتمدنا نحن ذلك المظهر، فما أبعدنا هناك الأثر، بل اقتصدنا على الأصعاد، وقدنا في تلك النيرات كل سلس القياد، حتى إذا اشماز طلقها، فعز أبلقها، وصبحنا