وجرت بينه وبين الأجل الفقيه القاضي أبي أمية إبراهيم بن عصام مدة قضائه بمرسية ومعاتبات وأشعار ومراسلات أدخلت منها ما أسفرت له أوجه الاستحسان، وقامت على طبعه شواهد الإحسان، فمنها قوله من قطعة أولها: بسيط
هي السيادة حلت منزل القمر ... وأنت منها سواد القلب والبصر
وهي الجلالة لا تدري لها صفة ... لكنها عبرة جاءت من البعير
أما المعالي فقد حطت رواحلها ... لديك ولخبر يغنيني عن الخبر
ومنها: بسيط
طرزت ثوب المعالي بعدما درست ... رسومه فأتانا معم الطرز
رقت فراقت سناء للعلى شيم ... كأنها قطعت من رقة السحر
وضاع عرف ثناء ذاع ريقه ... كما نشقت نسيم العنبر الذفر
لولاك ما انساب ماء المكرمات ندى ... وعندي ولا سفرت لي أوجه البشر
كم من يدلك في أجيادنا كتبت ... والله يعلمها في صفحة القمر
لا تنثني أبداً نثني عليك بها ... كأنما هي آيات من السور
يفديك كل من الأسوأ سوى نفر ... علمت بغيهم لا كان من نفر
يخفون ضد الذي يبدون من ملق ... فلا تثقفهم وكن منهم على حذر
إن الحجارة تلقى وهي خامدة ... حتى إذا قدحت حيتك بالشرر
وله أيضاً من قطعة الذهب أولها، ولم يثبت إلا تغزلها: خفيف
خص يا غيث مربع الأحباب ... وتعاهد بالعهد عهد التصابي
ولتسلم على معرس سلمى ... ولتصل بالرباب دار الرباب
هي روضات كل أنس وطيب ... ومغان سكانها أصل ما بي
فكساها العلاء ثوب بهاء ... وسقاها الجمال ماء الشباب
ثم طارت ألبابنا فبقينا ... بين أهل الهوى بلا الباب
وأصيبت بها القلوب فصارت ... لشقاءي مألف الأوصاب
أمرضتني مرضى صحاح ولكن ... ن عذابي بين الثنايا العذاب
أقسم الشوق أن يقسم قلبي ... بين قوم لم يسألوا عن مصابي
فرقة أثرت صدودي وأخرى ... أخذت حد سيرها في الذهاب
أي وجد أشكو وقد صار متى ما ... لم أمت حسرة على الأحباب