اسم الکتاب : فوات الوفيات المؤلف : ابن شاكر الكتبي الجزء : 1 صفحة : 426
فطعن الناصر في جنبه وتوفي ليلة الثامن والعشرين [1] من جمادى الأولى سنة ست وخمسين وستمائة، وركب السلطان إلى البويضا، وأظهر التأسف عليه وقال: هذا كبيرنا وشيخنا، ثم حمل إلى تربة والده بسفح قاسيون.
وكان رحمه الله تعالى معتنياً بتحصيل الكتب النفيسة، ووفد عليه راجح الحلي ومدحه فوصل إليه منه ما يزيد على أربعين ألف درهم، وأعطاه على قصيدة أخرى ألف دينار.
وكتب الملك الناصر داود إلى وزيره فخر القضاة ابن بصاقة:
يا ليلة قطّعت عمر ظلامها ... بمدامةٍ صفراء ذات تأجّج
بالساحل النامي روائح نشره ... عن روضه المتضوّع المتأرج
واليمّ زاهٍ قد جرى تيّاره ... من بعد طول تقلّقٍ وتموج
طوراً يدغدغه النّسيم وتارةً ... يكرى فتوقظه بنات الخزرج
والبدر قد ألقى سنا أنواره ... في لجّه المتجعّد المتدبّج
فكأنّه إذ قدّ صفحة متنه ... بشعاعه المتوقد المتوهج
نهرٌ تكوّن من نضارٍ يانعٍ ... يجري على أرضٍ من الفيروزج ومن شعره:
صبحاني بوجهه القمريّ ... واصبحاني بالسلسبيل الرويّ
بدر ليلٍ يسعى بشمس نهارٍ ... فشهيٌّ ينتابنا بشهيّ
واعجبا لاجتماع شمس وبدر ... في سنائي سنا كمال بهيّ
إن تبدّت بوجهها ذهبيّاً ... قلت هذا من وجهه الفضيّ
يا ولوعاً بالنبل أصميت قلبي ... بسهام من لحظك البابليّ
رشقته من حاجبيك سهامٌ ... منتضاةٌ أحسن بها من قسي ومنه: [1] ص: والعشرون.
اسم الکتاب : فوات الوفيات المؤلف : ابن شاكر الكتبي الجزء : 1 صفحة : 426