اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 360
ومن نثره في خطبة ديوانه رحمه الله تعالى قوله: لما كان لكل إنسان عين من الشعر إن حركها فارت، وإن تركها غارت، وكنت قد حركت عين شعري، فبضت بقطرات قليلة، رجوت أن تكون لتذكاري فيما يأتي وسيلة، وإن كان الشعر ليس بمزية يحق بها الافتخار، فليس هو في حد ذاته منقصة توجب الاحتقار، حيث جاء بنص الكتاب مدح بعض الشعراء وذم البعض، وقد تدور عليه الأحكام الأربعة بحسب الإبرام والنقض، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه مدح فأجاز، وأمر بهجو قوم هجوه بضرب من الأرجاز، فقال اهج بإحسان، نصرك الله يا حسان، وقد ورد في مدح الشعر والشعراء، من الأحاديث والأخبار ما يفوت درجة الاستقصاء، وقد قال بعضهم الشعر ديوان العرب وبه عرفت الأنساب. وقال سيدي عمر بن الوردي المعري رحمه الله تعالى:
انظم الشعر ولازم مذهبي ... فاطراح الرفد في الدنيا أقل
وكان في هذا الزمان قد كسد سوقه، ويبست عروقه، ونضب ماؤه، وسكن هواؤه، وانفقدت دواعيه، وخسر بائعه وشاريه، حتى حق لأهله أن يتمثلوا بقول ابن المعتز رحمه الله:
قالوا هجرت الشعر قلت ضرورة ... باب الدواعي والبواعث مغلق
خلت الديار فلا كريم يرتجى ... منه النوال ولا مليح يعشق
ومن العجائب أنه لا يشترى ... ومع الكساد يخان فيه ويسرق
هذا وإن الشعر لا يخلو من تشحيذ الأذهان، وترقيق الطباع وتسلية الأخدان، ولم يزل صاحبه منتصفاً من الزمان، مستعيناً على طوارق الحدثان، وكنت منذ ميزت، وجدت والدي حفظه الله تعالى أوحد هذا العصر، في صنعة القريض والشعر، لكنه غير مكثار منه لشغله بالفتوى
اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 360