اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 115
والمقيمون لا يدرون ما يفعل بهم ومتوقعون حلول الفرنسيس ووقوع المكروه، ورجع الكثير من الفارين وهم في أسوأ حال من العري والفزع، فتبين أن الإفرنج لم يعدوا إلى البر الشرقي وإن الحريق كان في المواكب المتقدم ذكرها، فاجتمع في الأزهر بعض العلماء والمشايخ وتشاوروا فاتفق رأيهم على أن يرسلوا مراسلة إلى الإفرنج وينتظروا ما يكون من جوابهم، ففعلوا ذلك، وأرسلوا صحبة شخص مغربي لا يعرف لغتهم وآخر صحبته، فغابا وعادا وأخبرا أنهما قابلا كبير القوم وأعطياه الرسالة فقرأها عليه ترجمانه ومضمونها الاستفهام عن قصدهم، فقال على لسان الترجمان: وأين عظاؤكم ومشايخكم لم تأخروا عن الحضور لدينا لنرتب لهم ما يكون فيه الراحة؟ وطمنهم وبش في وجوههم. فقالا: نريد أماناً منكم، فقال: قد أرسلنا لكم سابقاً، يعنون الكتاب المذكور فيما تقدم، فقالا: وأيضاً نريد أماناً لأجل اطمئنان الناس، فكتبوا لهم ورقة أخرى مضمونها أننا أرسلنا لكم في السابق كتاباً فيه الكفاية، وذكرنا لكم أننا ما حضرنا إلا بقصد إزالة المماليك الذين يستعملون الفرنساوية بالذل والاحتقار، وأخذ مال التجار ومال السلطان، ولما حضرنا إلى البر الغربي خرجوا إلينا فقابلناهم بما يستحقونه، وقتلنا بعضهم وأسرنا بعضهم ونحن في طلبهم حتى لم يبق منهم أحد بالقطر المصري، وأما العلماء والمشايخ وأصحاب المرتبات والرعية فيكونون مطمئنين وفي مساكنهم مرتاحين ونحو ذلك من الكلام، ثم قال لهم لابد أن المشايخ والشربجية يأتون إلينا لنرتب لهم ديواناً ننتخبه من سبعة أشخاص عقلاء يدبرون الأمور. ولما رجع الجواب بذلك اطمأن الناس، وركب الشيخ مصطفى الصاوي والشيخ سليمان الفيومي وآخرون إلى الجيزة، فتلقاهم وضحك لهم، وقال أنتم المشايخ الكبار، فأعلموه أن المشايخ الكبار خافوا وهربوا، فقال لأي شيء يهربون اكتبوا لهم بالحضور ونعمل لكم ديواناً لأجل راحتكم وراحة الرعية وإجراء الشريعة
اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 115