اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 114
وبعض المشايخ القادرين، فلما عاين العامة والرعية ذلك اشتد ضجرهم وخوفهم وتحركت عزائمهم للهرب واللحاق بهم، والحال أن الجميع لا يدرون أي جهة يسلكون وأي طريق يذهبون وأي محل يستقرون، فتلاحقوا وتسابقوا وخرجوا من كل حدب ينسلون، وبيع الحمار الأعرج والبغل الضعيف بأضعاف ثمنه، وخرج أكثرهم ماشياً أو حاملاً متاعه على رأسه وزوجته حاملة طفلها، ومن قدر على مركوب أركب زوجته أو ابنته ومشى هو على أقدامه، وخرج غالب النساء ماشيات حاسرات وأطفالهن على أكتافهن يبكين في ظلمة الليل، واستمروا على ذلك بطول ليلة الأحد وصبحها، وأخذ كل إنسان ما قدر على حمله من مال ومتاع، فلما خرجوا من باب البلد وتوسطوا الفلاة تلقتهم العربان والفلاحون، فأخذوا متاعهم ولباسهم وأحمالهم بحيث لم يتكروا لمن صادفوه ما يستر به عورته أو يسد جوعته، فكان ما أخذته العرب شيئاً كثيراً يفوق الحصر بحيث أن الأموال والذخائر التي خرجت من مصر في تلك الليلة أضعاف ما بقي فيها بلا شك، لأن معظم الأموال عند الأمراء والأعيان وحريمهم، وقد أخذوه صحبتهم، وغالب مساتير الناس وأهل المقدرة أخرجوا أيضاً ما عندهم، والذي
أقعده العجز وكان عنده ما يعجز عليه حمله من مال أو مصاغ أعطاه لجاره أو صديقه الراحل، ومثل ذلك أمانات وودائع الحجاج من المغاربة والمسافرين، فذهب ذلك جميعه، وربما قتلوا من قدروا على قتله أو دافع عن نفسه ومتاعه، وسلبوا ثياب النساء وفضحوهن وهتكوهن وفيهم الخوندات والأعيان، فمنهم من رجع عن قريب وهم الذين تأخروا في الخروج وبلغهم ما حصل للسابقين، ومنهم من جاز متكلاً على كثرته وعزوته وخفارته فسلم أو عطب، وكانت ليلة وصباحها في غاية الشناعة، جرى فيها ما لم يتفق مثله في مصر، ولا سمعنا بما شابه بعضه في تواريخ المتقدمين، قال الشاهد فما راء كمن سمع. أقعده العجز وكان عنده ما يعجز عليه حمله من مال أو مصاغ أعطاه لجاره أو صديقه الراحل، ومثل ذلك أمانات وودائع الحجاج من المغاربة والمسافرين، فذهب ذلك جميعه، وربما قتلوا من قدروا على قتله أو دافع عن نفسه ومتاعه، وسلبوا ثياب النساء وفضحوهن وهتكوهن وفيهم الخوندات والأعيان، فمنهم من رجع عن قريب وهم الذين تأخروا في الخروج وبلغهم ما حصل للسابقين، ومنهم من جاز متكلاً على كثرته وعزوته وخفارته فسلم أو عطب، وكانت ليلة وصباحها في غاية الشناعة، جرى فيها ما لم يتفق مثله في مصر، ولا سمعنا بما شابه بعضه في تواريخ المتقدمين، قال الشاهد فما راء كمن سمع.
ولما أصبح يوم الأحد المذكور
اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 114