اسم الکتاب : الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة المؤلف : الغزي، نجم الدين الجزء : 1 صفحة : 229
واحد ثلاثة كراريس تأليفاً وتحريراً، وكان مع ذلك يملي الحديث، ويجيب عن المتعارض منه بأجوبة حسنة، وكان أعلم أهل زمانه بعلم الحديث وفنونه، ورجاله، وغريبه، واستنباط الأحكام منه، وأخبر عن نفسه أنه يحفظ مئتي ألف حديث. قال: ولو وجدت أكثر لحفظته. قال: ولعله لا يوجد على وجه الأرض الان أكثر من ذلك، ولما بلغ أربعين سنة من عمره أخذ في التجرد للعبادة والإنقطاع إلى الله تعالى، والإشتغال به صرفاً، والإعراض عن الدنيا وأهلها كانه لم يعرف أحداً منهم، وشرع في تحرير مؤلفاته، وترك الإفتاء والتدريس، واعتذر عن ذلك في مؤلف ألفه في ذلك وسماه " بالتنفيس " وأقام في روضة المقياس فلم يتحول منها إلى أن مات لم يفتح طاقات بيته التي على النيل من سكناه، وكان الأمراء والأغنياء يأتون إلى زيارته، ويعرضون عليه الأموال النفيسة فيردها، وأهدى إليه الغوري خصياً وألف دينار، فرد الألف، وأخذ الخصي فاعتقه وجعله خادماً في الحجرة النبوية، وقال لقاصد السلطان: لا تعد تأتينا قط بهدية، فإن الله تعالى أغنانا عن مثل ذلك، وكان لا يتردد إلى السلطان، ولا إلى غيره، وطلبه مراراً فلم يحضر إليه، وقيل له: إن بعض الأولياء كان يتردد إلى الملوك والأمراء في حوائج الناس، فقال: أتباع السلف في عدم ترددهم أسلم لدين المسلم.
وألف كتاباً سماه " ما رواه الأساطين، في عم التردد إلى السلاطين "، قلت: وقد نظمت
هذا الكتاب في منظومة لطيفة حافلة، وزدت على ما ذكره زيادات شريفة، ورؤي النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، والشيخ السيوطي يسأله عن بعض الأحاديث، والنبي صلى الله عليه وسلم. يقول له: هات يا شيخ السنة، ورأى هو بنفسه هذه الرؤيا، والنبي صلى الله عليه وسلم. يقول له: هات يا شيخ السنة، وذكر الشيخ عبد القادر الشاذلي في كتاب ترجمته أنه كان يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقظة. فقال لي: يا شيخ الحديث، فقلت له: يا رسول الله أمن أهل الجنة أنا؟ قال: نعم، فقلت: من غير عذاب يسبق؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لك ذلك، وألف في ذلك كتاب " تنوير الحلك، في إمكان رؤية النبي والملك "، وقال له الشيخ عبد القادر، قلت له يا سيدي: كم رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقظة؟ فقال: بضعاً وسبعين مرة، وذكر خادم الشيخ السيوطي محمد بن علي الحباك أن الشيخ قال له يوماً وقت القيلولة وهو عند زاوية الشيخ عبد الله الجيوشي بمصر بالقرافة: نريد أن نصلي العصر في مكة بشرط أن تكتم ذلك علي حتى أموت. قال: فقلت: نعم. قال: فأخذ بيدي، وقال: غمض عينيك، فغمضتها فرمل في نحو سبع وعشرين خطوة، ثم قال لي: إفتح عينيك، فإذا نحن بباب المعلى، فزرنا أمنا خديجة، والفضيل بن عياض، وسفيان بن عيينة وغيرهم، ودخلت الحرم، فطفنا وشربنا من ماء زمزم، وجلسنا خلف المقام حتى صلينا العصر، وطفنا وشربنا من زمزم، ثم قال لي: يا فلان ليس العجب من طيئ الأرض لنا، وإنما العجب من كون أحد من أهل مصر المجاورين لم يعرفنا، ثم قال لي: إن شئت تمضي معي، وإن شئت تقم حتى يأتي الحاج.
اسم الکتاب : الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة المؤلف : الغزي، نجم الدين الجزء : 1 صفحة : 229