اسم الکتاب : الرياض النضرة في مناقب العشرة المؤلف : الطبري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 157
ممن ذكره دغفل, وإلى بيت ليس فيه شيء من تلك المناصب, ولو ثبت أبو بكر لما أمكن دغفل أن يقول له: لست من تيم بن مرة ولا لست من قريش, ولكان لأبي بكر أن يقول له: يا أخا العرب إن جميع من ذكرته لم يكن إلا من الأرومة التي انتسبت إليها, وما ذكرته من المناصب ليس شيء منه في البيت الذي انتسبت إليه, ولا يقتضي كونهم ليسوا منا, فلا شيء من هذه المناصب, فينافي إخراجي من قريش, فإن قريشًا بطون كثيرة ولم أدع أني من أرومة تشملني ومن ذكرته, أما أنتم فادعيتم أنكم من الهامة من ذهل الأكبر, وذهل الأكبر أرومة من عددته عليكم, فيلزم من كل من كان من ذهل الأكبر أن يكون هؤلاء منهم, فلما أقررتم بانتفاء اللازم وهو أن هؤلاء ليسوا منكم مع الاعتراف بأنهم من ذهل الأكبر, فانتفى الملزوم وهو أن يكون ذهل الأكبر أرومتكم؛ لأنهم متفق عليهم فتعينتم للانتفاء. وإنما كان رجوعه -رضي الله عنه- من باب عظموا أقداركم بالتغافل فإنه رأى إنسانًا قصد التنقص به والغض من أرومته بكون هؤلاء العظماء النبلاء المشهورين بالمناقب ليسوا منكم, والحط من مرتبته بكون هذه المناصب الشريفة ليس شيء منها فيه, وعرف أنه مقتدر على الكلام وترويجه, والتعاريض بما ينقصه به بين ذلك الملأ فكان من النظر السديد ما فعله أبو بكر, وقول دغفل: أما والله لو ثبت لأخبرتك من قريش أي قريش الممتدحة بتلك المناقب والمناصب, وكأنه يقول: فهم قريش على الحقيقة, لا أنه يريد أن تيم بن مرة ليس من قريش فإنه علّامة بالنسب مشهور بذلك بين العرب, فكيف يعزب عنه هذا؟ وقول علي: لقد وقعت من الأعرابي على باقعة صحيح, ولا شك في أنه كذلك, وقول أبي بكر: ما من طامة إلا وفوقها طامة لا يلزم منه أنه أراد أنه أعلم منه بالنسب.
وإنما لما كان أبو بكر من أفصح العرب, وأعرفهم بوجوه الكلام ومحاسنه وحقائقه ومجازاته, وأعلمهم بالنسب, لكنه لم يكن يستعمل التمويه
اسم الکتاب : الرياض النضرة في مناقب العشرة المؤلف : الطبري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 157