اسم الکتاب : الرياض النضرة في مناقب العشرة المؤلف : الطبري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 140
فاستقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القبلة ثم مد يديه, فجعل يهتف بربه: "أنجز لي ما وعدتني, اللهم آتني ما وعدتني, اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض أبدًا" فما زال يهتف بربه مادًّا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه, فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه, ثم التزمه من ورائه فقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك, وإنه سينجز لك ما وعدك, فأنزل الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِي} [1] فأمده الله -عز وجل- بالملائكة, أخرجاه.
"شرح" هتف أي: صاح والهتف: الصوت يقال: هتف هتافًا أي: صاح, وهتفت الحمامة تهتف هتفًا, والعصابة: الجماعة من الناس والخيل والطير, قاله الجوهري.
قال ابن إسحاق: عدل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصفوف يوم بدر ثم رجع إلى العريش, فدخله ومعه فيه غيره ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يناشد ربه ما وعده به من النصر ويقول فيما يقول: "اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد" وأبو بكر يقول: يا نبي الله بعض مناشدتك ربك, فإن الله منجز لك ما وعدك, وخفق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خفقة وهو في العريش ثم انتبه فقال: "أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله, هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه النقع" النقع: الغبار.
وعن حكيم بن حزام قال: لما حضر القتال, رفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه يسأل الله النصر وما وعده, يقول: "اللهم إن ظهروا على هذه العصابة, ظهر الشرك ولا يقوم لك دين" وأبو بكر يقول: والله لينصرنك الله وليبيضن وجهك, فأنزل الله تعالى ألفًا من الملائكة مردفين عند أكناف العدو, وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أبشر يا أبا بكر, هذا جبريل -عليه السلام- معتجر [1] سورة الأنفال الآية: 9.
اسم الکتاب : الرياض النضرة في مناقب العشرة المؤلف : الطبري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 140