اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 68
وقد منع المعروف من أم جعفر ... أخو ثقة عند الجلاد صبور
علاك بمتن السوط حتى اتقيته ... بأصفر من ماء الصفاق يفور
فقال الأحوص:
إذا أنا لم أغفر لأيمن ذنبه ... فمن ذا الذي يغفر له ذنبه بعدي
أريد انتقام الذنب ثم تردني يد لا يدين مباركة عندي
ولما اكثر الأحوص من ذكرها جاءت متنقبة عليه وهو في مجلس قومه ولا يعرفها فقالت له: اقض ثمن الغنم التي ابتعتها مني. قال: ما ابتعت منك شيئا فأظهرت كتابا قد وضعته عليه وبكت وشكت حاجة وفاقة وقالت: يا قوم كلموه, فلامه قومه وقالوا: اقض المرأة حقها فحلف أنه ما رآها قط ولا يعرفها, فكشفت عن وجهها وقالت: ويحك, أما تعرفني فجعل يحلف أنه ما يعرفها ولا رآها قط حتى إذا استفاض قولها وقوله واجتمع الناس وكثروا وسمعوا ما دار وكثر لغطهم وأقوالهم قامت, ثم قالت: أيها الناس, اسكتوا فسكت الناس, ثم أقبلت عليه وقالت: يا عدو الله صدقت والله ما لي عليك حق ولا تعرفني, وقد حلفت على ذلك وأنت صادق, وأنا أم جعفر وأنت تقول: قلت لأم جعفر, وقالت لي أم جعفر: فمن أين قلت لك وقلت لي وأنت لم ترني إلا هذه الساعة, فخجل الأحوص وانكسر عن ذلك وبرأت عندهم.
أميمة أم تأبط شرا
وهي من بين القين بطن من فهم ولدت خمسة نفرا تأبط شرا, وريش لغب, وريش نسر, وكعب جدر, والأتراكي. وقيل: إنها ولدت سادسا واسمه عمر, وتأبط شرا لقب به لأنه كان رأى كبشا في الصحراء فاحتمله تحت إبطه فجعل يبول عليه طول طريقه, فلما قرب من الحي ثقل عليه الكبش فلم يقله فرمى به فإذا هو الغول فقال له قومه: ما تأبطت يا ثابت؟ قال: الغول, قالوا: لقد تأبطت شرا فسمي بذلك. وقيل: بل قالت له أمه كل إخوتك يأتيني بشيء إذا راح غيرك. فقال لها: سآتيك الليلة بشيء ومضى فصاد أفاعي كثيرة من أكبر ما قدر عليه ووضعهن في جراب وذهب متأبطا به فألقاه بين يديها ففتحته فتساعين في بيتها فوثبت وخرجت فقال لها نساء الحي: ماذا أتاك به ثابت؟ فقالت: أتاني بأفاعي في جراب. قلن: كيف حملها؟ قالت: تأبطها. قلن: لقد تأبط شرا فلزمه هذا اللقب.
وكانت شاعرة من شاعرات العرب وقولها منسجم وله طلاوة وأغلبه مراث في ولدها تأبط شرا وخلافه ومن ذلك قولها فيه:
طاف يبغي نجوة ... من هلاك فهلك
ليت شعري ضلة ... أي شيء قتلك
أمريض لم تعد ... أم عدو ختلك
أم تولي مارد ... غال في الدهر السلك
والمنايا رصد ... للفتى لم يك لك
أي شيء حسن ... لفتى لم يك لك
كل شيء قاتل ... حين تلقى أجلك
طالما قد فادحا ... غير كد أملك
إن أمرا فادحا ... عن جوابي شغلك
سأعزي النفس إذ ... لم تجد من سألك
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 68