اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 60
أم سنان ابنة جشمة
كانت من شاعرات العرب الموصوفات بالأدب اللائي لهن اليد الطولى بالنظم والنثر مع رقة المعنى ودقة المبنى والحماسة الزائدة التي تقصر عنها حماسة الرجال وناهيك ما قالته في مدح آل البيت وتحريض آل مذحج على نصرتهم, وقد وفدت على معاوية كما قال سعيد بن أبي حذافة قال: إن مروان بن الحكم وهو والي المدينة حبس غلاما ليس في جناية جناها فأتته جدة الغلام وهي أم سنان ابنة جمشة المذحجية فكلمته في الغلام فأغلظ لها مروان فخرجت إلى معاوية, فدخلت عليه, فانتسبت فعرفها فقال لها: مرحبا يا ابنة جشمة ما أقدمك أرضنا وقد عهدتك تشتمينا وتحضين علينا عدونا؟ قال: إن لبني عبد مناف أخلاقا طاهرة وأحلاما وافرة لا يجهلون بعد علم, ولا يسفهون بعد حلم, ولا ينتقمون بعد عفو, وإن أولى الناس باتباع ما سن آباؤنا لأنت قال: صدقت نحن فكيف قولك:
عذب الرقاد فمقلتي لا ترقد ... والليل يصدر بالهموم ويورد
يا آل مذحج لا مقام فشمروا ... إن العدو لآل أحمد يقصد
هذا علي كالهلال تحفه ... وسط السماء من الكواكب أسعد
خير الخلائق وابن عم محمد ... إن يهدكم بالنور منه تهتدوا
مازال مذ شهر الحروب بمظفر ... والنظر فوق لوائه ما يفقد
قالت: كان ذلك يا أمير المؤمنين, وأرجو أن تكون لنا خلفا, فقال رجل من جلسائه كيف يا أمير المؤمنين وهي القائلة:
أما هلكت أبا الحسين فلم تزل ... بالحق تعرف هاديا مهديا
فذهب عليك سلام ربك ما دعت ... فوق الغصون حمامة قمريا
قد كنت بعد محمد خلفا كما ... أوصى إليك بنا فكنت وصيا
قالت: يا أمير المؤمنين, لسان صدق وقول حق ولئن تحقق ما ظننا فحظك الأوفر والله ما أورثك الشنآن في قلوب المسلمين إلا هؤلاء فأضحد مقالتهم وأبعد منزلتهم إنك إن فعلت ذلك تزدد من الله قربا ومن المؤمنين حبا.
قال: وإنك تقولين ذلك قالت: سبحان الله والله ما مثلك مدح بباطل ولا أعتذر إليه بكذب وإنك لتعلم ذلك من رأينا وضمير قلوبنا كان والله علي أحب إلينا منك, وأنت أحب إلينا من غيرك.
قال: فمن قالت من مروان بن الحكم وسعيد بن العاص. قال: وبما استحققت ذلك عندك؟ قالت: بسعة حلمك وكريم عفوك. قال: إنهما يطعمان في ذلك. قالت: هما والله من الرأي على غير ما كنت عليه لعثمان بن عفان رحمه الله. قال: والله لقد قاربت ما حاجتك؟ قالت: يا أمير المؤمنين إن إثارات المسلمين, ويكشف عورات المؤمنين حبس ابن ابني فأتيته. فقال: كنت وكنت, فأسمعته أخشن من الحجر, وألقمته أمر من الصبر, ثم رجعت إلى نفسي بالملامة, وقلت: لم لا أصرف ذلك إلى من هو أولى بالعفو منه فأتيتك يا أمير المؤمنين لتكون في أمري ناظرا وعليه معديا.
قال: صدقت لا أسألك عن ذنبه والقيام بحجته اكتبوا بإطلاقه قالت: يا أمير المؤمنين وأنى لي بالرجعة وقد نفد زادي وكلت راحلتي فأمر لها براحلة وخمسة آلاف درهم وانصرفت إلى قومها.
أم عقبة زوجة غسان بن جهضم
كانت ابنة عمه وكان مفتونا بها لأنها كانت من أجمل النساء وأحسنهن وأفضلهن خصالا وكان لما حضرته
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 60