اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 475
ستحملني ورحلي ذات رحل ... عليها بنت آباء كرام
إذا جعلت سواد الشام جيشاً ... وغلق دونها باب اللئام
فليس بعائد أبداً إليهم ... ذوو الحاجات في غلس الظلام
أعاتك لو رأيت غداة بنا ... عزاء النفس عنكم واعتزامي
إذا لعلمت واستيقنت أني ... مشيعة ولم ترعى ذمامي
أأجعل مثل توبة في نداه ... أبا الذبان فوه الدهر دامي
معاذ الله ما عسفت برحلي ... تغد السير للبلد التهامي
أقلت خليفة فسواه أحجى ... بامرته وأولى باللثام
لثام الملك حين تعد بكر ... ذوو الأخطار والخطى الحسام
فقيل لها: أي الكعبين عنيت؟ قالت: ما إخال كعباً ككعبي.
وقيل: إن ليلى الأخيلية دخلت على عبد الملك بن مروان وقد أسنت وعجزت فقال لها: ما أرى توبة فيك حين هويك؟ قالت: ما رآه الناس فيك حين ولوك. فضحك عبد اللمك حتى بدت له سن سوداء كان يخفيها. وكانت دخلت على مروان بن الحكم يوماً فقال لها: ويحك يا ليلى بالغت في نعت توبة! فقالت: أصلح الله الأمير والله ما قلت إلا حقاً, ولقد قصرت وما رأيت رجلاً قط كان أربط منه على الموت جأشاً, ولا أقل إيحاشاً يحتدم حين يرى الحرب ويحمى الوطيس بالضرب, فكان وعهد الله كما قلت:
فتى لم يزل يزداد خيراً لمذنب ... على أن علاه الشيب فوق المسائح
تراه إذا ما الموت حل بورده ... ضروباً على أقرانه بالصفائح
شجاع لدى الهيجاء بيت مشابح ... إذا انحار عن أقرانه كل سائح
فعاش حميداً لا ذميماً فعاله ... وصولاً لقرباه يرى غير كالح
فقال لها مروان: كيف يكون توبة على ما تقولين وقد كان خارباً والخارب سارق الإبل خاصة فقالت: والله ما كان خارباً, ولا للموت هائباً, ولكنه فتى له جاهلية ولو طال عمره وأنسأه لا رعوى قلبه ولقضى في حب الله نحبه وأقصر عن لهوه ولكنه كما قال عمه مسلم بن الوليد:
فلله قوم غادروا ابن حمير ... قتيلاً صريعاً للسيوف البواتر
لقد غادروا جزماً وعزماً ونائلاً ... وصبراً على اليوم العبوس القماطر
إذا هاب ورد الموت كل غضنفر ... عظيم الحوايا ليته غير حاضر
مضى قدماً حتى تلاقي بورده ... وجاد بسيب في السنين القواشر
فقال لها مروان: يا ليلى, أعوذ بالله من درك الشقاء, وسوء القضاء, وشماتة الأعداء. فو الله لقد مات توبة وإن كان لمن فتيان العرب وأشدائهم ولكنه أدركه الشقاء. فهلك على أحوال الجاهلية. وكان بينها وبين الجعدي مهاجاة وذلك أن رجلاً من قشير يقال له: ابن الحيا وهي أمه واسمه سوار بن أوفى بن سبرة هجاه وسب أخواله من أزد في أمر كان بين قشير وبين بني جعده وهم بأصبهان فأجابه النابغة بقصيدته التي يقال لها الفاضحة (سميت بذلك لأنه ذكر فيها مساوئ قشير وعقيل وكل ما كانوا يسبون به وفخر بمآثر قومه وبما كان من بطون بني عامر سوى هذين الحيين من قشير وعقيل) فقال:
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 475