اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 423
قالت: يقال إن ذلك ناشئ عن احتجابهن وعدم خروجهن إلى الأسواق إلا نادراً على إنني مذ وصلت إلى هذه العاصمة دققت كثيراً بنسائها فرأيت عكس ما سمعت، أي إن السمينات بينكن قليلات جدا كما أنني قد رأيت في الطريق من (بك أوغلي) حتى وصلت إلى الوابور كثير من النساء المستترات، وفي الوابور أيضا يوجد نساء مستترات متحجبات.
فقلت: إن النساء عندنا لا ينحبسن في البيوت وإنما يمكن لهن أن يخرجن إلى الأسواق في أي وقت شئن وأن تشتري ما ترغب.
فقالت ذات البعل: إن النساء التركيات هن أسيرات بأيدي أزواجهن فإننا نسمع أنهن لا يستطعن أن يعملن شيئا بدون إذن رجالهن.
قلت: لا جرم إنه من وظيفة النساء في أية ملة كانت أن يطعن أزواجهن على أن مثل هذه الوظائف هي عند المسيحيين أشد منها عن المسلمين لأن صك النكاح عندكن إنما يحرر مشروطا فيه أن تكون الزوجة في كل حال تابعة لزوجها ومرتبطة به ففي مثل هاته الحال يحق للرجل أن يذهب بزوجته جبرا أي محل شاء.
قالت: لا شك ولا ريب في وجوب ذلك إنه من الأمور الحسنة أن يكونا دائما مجتمعين.
قلت: فما قولك إذن فيما لو كان الزوج من عشاق السياحة وأراد الصعود توا إلى القطب للاكتشاف أو كان ممن يميلون إلى السياحة البحرية وأحب التوغل في أعماق البحر على ظهر جارية تميل مع الأرياح أو كان من المنطاديين (البالونجيين) ورغب في الصعود على طبقات الهواء.
قالت: ألا يحق للرجال عندكم إجبار النساء على الذهاب معهم؟
قلت: يمكن لهم أخذهن إلى الأماكن القريبة غير أنهم إذا كانوا قادرين الأسفار الطويلة الشاسعة فالمرأة ذات الشهامة إنما تذهب مع زوجها طوعا ومروءة لا غير وإذا لم تذهب فلا تجبر وعندكم لا يجوز للمرأة أن تبيع شيئا من ما لها إلا بإذن من الرجل أما نحن فإن المرأة عندنا حرة مستقلة في بيع واستهلاك ما تملكه.
قالت الخالة: كنا سمعنا أن السيدات التركيات يلبسن الألبسة الإفرنجية أكثير من الألبسة التركية، وذلك ما حدانا إلى الرجاء بان تقبلننا وأنتن بالأكسام التركية أحقيق ذلك؟ قلت: أجل، إن أكثرهن على مثل ما وصفت.
ثم التفتت ذات البعل إلى البيانو قائلة: أتعزفين بالبيانو (آلة موسيقية) ؟ فأجبت مشيرة إلى السيدة "ص": إن هذه السيدة تحسن العزف أكثر مني بها لأنها درسته نحو عشر سنوات.
قالت: لا جرم أن الضرب على هذه الآلة لا يمكن بأقل من عشر سنوات.
فقلت لها: يمكن الضرب على البيانو بعشر سنوات على شريطة الاستمرار والتعود بلا انقطاع، ولكن في كم سنة يمكن حفظه تماما.
قالت: أما أنا فقد ابتدأت به منذ السنة السادسة من عمري وها أنا ذا في الثامنة والعشرين وقد مر على زواجي ست سنوات كنت إلى ذلك العهد أي مدة ست عشرة سنة أعزف يوميا بهذه الآلة أربع ساعات وعند ما تأهلت صرت أعزف به يومين في الأسبوع، وحتى الآن لم أتعلم البيانو، أتعلمين ما المراد وما المعنى بعلم البيانو؟
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 423