اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 283
إذا قربت زادتك شوقا بقربها ... وإن جانبت لم يغن عنها التجنب
فلا اليأس إن ألممت يبدو فترعوي ... ولا أنت مردود بما جئت تطلب
وفي اليأس لو يبدو لك اليأس رحمة ... وفي الأرض عمن لا يواسيك مذهب
وأنا والله يا أخي خشيت عليك من مثل ذلك لئلا يصيبك مع نسائك ما أصاب حجية وزينب وأما الآن فقد كبرا وصارا يمكنهما أن يدفعا عن أنفسهما تعديات غيرهما فأخذهما عبد الرحمن إليه وهو يثني على عائشة.
وكانت - رضي الله عنها - أفصح أهل زمانها وأحفظهم للحديث روت عنها الرواة من الرجال والنساء وكان مسروق إذا روى عنها يقول: حدثتني الصديقة بنت الصديق البريئة المبرأة وكان أكابر الصحابة يسألونها عن الفرائض.
وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة من أفقه الناس وأحسن الناس رأيا في العامة. وقال عروة: ما رأيت أحد أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة، ولو لم يكن لعائشة من الفضائل إلا قصة الإفك لكفى بها فضلا وعلو مجد فإنها نزل فيها من القرآن ما يتلى إلى يوم القيامة، ولولا خوف التطويل لذكرنا القصة بتمامها، وهي أشهر من أن تذكر، وكان حسان بن ثابت عند عائشة يوما فقال يرثي ابنته:
حصان رزان ما تزن برية ... وتصبح غرثي من لحوم الغوافل
فقالت له عائشة لكن لست أنت كذلك. فقال لها مسروق: أيدخل عليك هذا وقد قال الله عز وجل: (والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم) [النور: 11] قالت: أما تراه في عذاب عظيم قد ذهب بصره وباقي الأبيات:
فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتموا ... فلا رفعت سوطي إلي أناملي
وكيف وودي من قديم ونصرتي ... لآل رسول الله زين المحافل
فإن الذي قد قيل ليس بلائط ... ولكنه قول امرئ بي ما حل
وتوفيت عائشة سنة سبع وخمسين. وقيل: سنة ثمان وخمسين للهجرة ليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وأمرت أن تدفن بالبقيع ليلا، فدفنت وصلى عليها أبو هريرة ونزل قبرها خمسة عبد الله وعروة ابنا الزبير والقاسم وعبد الله ابنا محمد بن أبي بكر وعبد الله بن عبد الرحمن، ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم كان عمرها ثمان عشرة سنة.
عائشة بنت طلحة عائشة بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن معد بن تيم.
وأمها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق، وخالتها عائشة أم المؤمنين. كانت عائشة بنت طلحة أشبه الناس بعائشة أم المؤمنين خالتها فزوجها بابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وكان ابن خال عائشة بنت طلحة، فلم تلد من أحد من أزواجها سواه. فولدت له عمران - وبه كانت تكنى- وعبد الرحمن وأبا بكر وطلحة ونفسية التي تزوجها الوليد بن عبد الملك ولكل من هؤلاء عقب وكان ابنها طلحة من أجود قريش، وتوفي بعد الله عنها ثم تزوجها بعده مصعب بن الزبير فأمهرها خمسمائة ألف درهم وأهدى لها مثل ذلك.
وكانت عائشة بنت طلحة لا تستر وجهها من أحد فعاتبها مصعب في ذلك فقالت: إن الله تبارك وتعالى وسمني بميسم جمال أحببت أن يراه الناس ويعرفوا فضله عليهم فما كنت لأستره والله ما في وصمة يقدر أن يذكرني بها أحد وطالت مراجعة مصعب إياها في ذلك، وكانت شرسة الخلق، وكذلك نساء تميم هن أشرس خلق الله وأحظى
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 283