اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 280
فألقى عمرو نفسه عن الفراش وقال: ما هذا يا ظريفة؟ قالت: هو خطب جليل، وحزن طويل، وخلف قليل والقليل خير من تركه، قال: وما علامة ذلك؟ قالت: تذهب إلى السد فإذا رأيت جرذا يكثر في السد الحفر ويقلب برجليه من الجبل الصخر فاعلم أن القريب حضر، وأنه قد وقع الأمر.
قال: وما هذا الأمر الذي يقع؟ قالت: وعيد الله نزل، وباطل بطل، ونكال بنا نزل، فتعمده يا عمرو فليكن الثكل. فانطلق عمرو إلى السد يحرسه فإذا الجرذ يقلب برجليه صخرة ما يقلبها خمسون رجلا، فرجع إلى ظريفة فأخبرها الخبر وهو يقول:
أبصرت أمرا عاد لي منه ألم ... وهاج لي من هوله برح السقم
من جرذ كفحل خنزير أجم ... أو تيس حرم من أقاوين الغنم
يسحب صخرا من جلاميد العرم ... له مخاليب وأنياب فطم
ما فاته سجلا من الصخر قصم ... كأنما يدعي حصيرا من سلم
فقالت له ظريفة: إن علامات ما ذكرت لك أن تجلس في مجلسك بين الخبتين، ثم تأمر بزجاجة فتوضع بيده يديك فإنها ستمتلئ بين يديك من تراب البطحاء من سهله الوادي ورمله، وقد علمت أن الجنان مظلة ما يدخلها شمس ولا ريح.
فأمر عمرو بزجاجة فوضعت بين يديه فلم تمكث إلا قليلا حتى امتلأت من تراب البطحاء فذهب الملك إلى ظريفة فأخبرها بذلك وقال لها: متى ترين هلاك السد؟ قالت: فيما بينك وبين السبعين سنة قال: ففي أيها يكون؟ قالت لا يعلم ذلك إلا الله ولو علمه أحد لعلمته، ولا يأتي عليك ليلة فيما بينك وبين السبعين سنة (وأظنها من سني حياته) إلا ظننت هلاكك في غدها أو تلك الليلة فكان كما قالت. وحصل ما حصل في خبر طويل.
حرف العين
عائشة بنت أبي بكر الصديق
ابن أبي قحافة القريشية تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وهي بنت ست سنين. وقيل سبع ودخل بها فيا لمدينة وهي بنت تسع. وقيل عشر وكان مولدها سنة أربع من النبوة وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر وكان صداقها أربعمائة درهم وكانت أحب نسائه إليه وكنيتها أم عبد الله كنيت بابن أختها أسماء، وروت عائشة ألفي حديث ومائتي حديث وعشرة أحاديث.
ولها خطب ووقائع وكانت هي السبب في وقعة الجمل المشهورة في الإسلام وذلك أن عائشة خرجت إلى مكة وعثمان محصور، ثم رجعت من مكة تريد المدينة.
فلما كانت برف لقيها رجل من أخوالها من ليث يقال له: عبيد بن أبي سلمة. فقالت له مهيم. قال: قتل عثمان وبقوا ثمانيا. قالت: ثم صنعوا ماذا؟ قال: اجتمعوا على بيعة علي. فقالت: هذه انطبقت على هذه إن تم المر لصاحبك ردوني، فانصرفت إلى مكة وهي تقول: قتل والله عثمان مظلوما والله لأطلبن بدمه فقال لها: ولم إن أول من أمال حرفه لأنت ولقد كنت تقولين اقتلوا نعثلا فقد كفر. قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه وقد قلت وقالوا وقولي الأخير خير من قولي الأول فقال لها ابن أبي سلمة:
فمنك البداء ومنك الغير ... ومنك الرياح ومنك المطر
وأنت أمرت بقتل الإمام ... وقلت لنا إنه قد كفر
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 280