اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 278
حرف الظاء ظبية ابنة البراء
ابن معرور امرأة أبي قتادة الأنصارية، كانت من المحدثات المتقدمات الصحابيات اللاتي لهن التقدم في الرواية وصحة الخبر أخذت من أجلة وروت جملة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى عنها جملة من الصحابة والتابعين. ومن أحاديثها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم قائلة: هل علينا معشر النساء جمعة أو جهاد؟ فقال لها: (ليس عليكن جمعة أو جهاد) . فقالت: علمني يا رسول الله تسبيح الجهاد فقال: (قولي سبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد) فجعلت تقول ذلك كلما حضرت جهادا مع قومها.
ظريفة ابنة صفوان بن وائلة العذري
كانت جميلة المنظر لطيفة المخبر حسنة المعشر عذبة المنطق سلسة الألفاظ خرجت يوما مع نسوة يغترفن الماء وقد انفردت تمشط شعرها على جانب الغدير وقد أسبلته كأنه الليل المظلم ووجهها من خلاله كأنه البدر في تمه وقد مر بهن زرعة بن خالد العذري يريد الصيد، فلما ورد الغدير وجد النساء على تلك الصورة وظريفة على الحالة التي ذكرناها، فحين أبصرها سقط مغشيا عليه فقامت إليه فرشت عليه الماء، فلما أفاق وأبصرها قال: وهل مقتول يداويه قاتله؟ قالت: كيف ما تشكو وحادثته فثابت نفسه إليه وقد داخلها ما داخله من الحب، ثم رجع وهو يقول: خرجنا لنصيد فاصطدنا، ثم أنشد:
خرجت أصيد الوحش فصادفت قناصا ... من الريم صادتني سريعا حبائله
فلما رماني بالنبال مسارعا ... رقاني وهل ميت يداويه قاتله
ألا في سبيل الحب صب قد انقضى ... سريعا ولم يبلغ مرادا يحاوله
ولزم الوساد وقطع الزاد، فلما أعيته الحيلة أخبر والدته بحاله فمضت إليها وأعلمتها بالقصة وقبلت رجليها على أن تزوره فعسى أن يشفى ولدها فقالت: إن الوشاة كثيرون ولكن خذي هذا الشعر إليه فإن أمسكه فإنه يشفى وجزت لها شيئاً من شعرها.
فلما ذهبت إليه به جعل ينتشقه فتراجعت نفسه شيئا فشيئا حتى اشتهى ما يأكل فقدم إليه، فتناوله وقاك فكان يأتي قريبا من الأبيات فيسارها النظر وتخاله هي أيضا إلى أن فطن أهلها فعولوا على قتله فذهب إلى اليمن وكان كلما اشتد شوقه قبل الشعر وجعله على وجهه فيستريح فخرج يوما لبعض حاجاته فسقط منه الشعر، فلما أيس منه عزم على العود فضعف فقال: دعوني فإني أرجو أن أظفر أو أموت فنصحه غلام وأخذ يعلمه أبيات وهي هذه وقال له: إذا حاذيت موضع كذا، فأنشد:
مريض بأفناء البيوت مطرح ... به ما به من لاعج الشوق يبرح
وقالوا لأجل اليأس عودي لعلما ... تشكاه من آلام وجدك يمسح
وليس دواء الداء إلا بحيلة ... أضر بنا فيها غرم مبرح
إذا ما سألناها نوالا تنيله ... فضم الصفا منها بذلك أسمح
ومضى الغلام حتى بلغ المكان ورفع صوته بالأبيات، فخرجت له ظريفة وأنشدت تقول:
رعى الله من هام الفؤاد بحبه ... ومن كدت من شوقي إليه أطير
لئن كثرت بالقلب أتراح لوعة ... فإن الوشاة الحاضرين كثير
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 278