اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 261
حرف الصاد
صفية ابنة عبد المطلب
ابن هاشم بن عبد مناف الهاشمية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أم الزبير بن العوام وأمها هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة وهي شقيقة حمزة والعوام وحجل بني عبد المطلب لم يختلف في إسلامها من عمات النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت في الجاهلية قد تزوجها الحارث بن حرب بن أمية بن عبد شمس أخو أبي سفيان بن حرب فمات عنها فتزوجها العوام بن خويلد، فولدت له الزبير وعبد الكعبة وعاشت كثيرا وتوفيت بالبقيع ولما قتل أخوها حمزة وجدت عليه وجدا شديدا وصبرت صبرا عظيما، وقيل: إنها أقبلت لتنظر إلى حمزة بأحد، وكان أخاها لأمها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنها الزبير: (القها فأرجعها لا ترى ما بأخيها) . فلقيها الزبير وقال: أي أمي، إن رسول الله يأمرك أن ترجعي. قالت: ولم، قد بلغني أنه مثل بأخي وذاك في الله فما أرضانا بما كان من ذلك لأصبرن ولأحتسبن إن شاء الله. فلما جاء الزبير إليه وأخبره بقول صفية فقال: (خل سبيلها) فأتته فنظرت واسترجعت واستغفرت له، ثم أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفن.
وقيل: كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع حصن حسان بن ثابت مع النساء والصبيان حيث خندق رسول الله. وقالت صفية: فمر بنا رجل يهودي فجعل يطيف بالحصن وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا ورسول الله والمسلمون في نحور عدوهم لا يستطيعون أن ينصرفوا إلينا عنهم إن أتانا آت) . قالت: (فقلت: يا حسان إن هذا اليهودي يطوف بالحصن كما ترى ولا آمنه أن يدل على عوراتنا من وراءنا من اليهود فانزل إليه فاقتله) . فقال: يغفر الله لك يا ابنة عبد المطلب والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا) . قالت صفية: (فلما قال ذلك ولم أر عنده شيئا احتجزت وأخذت عمودا ونزلت من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته، ثم رجعت إلى الحصن فقلت: يا حسان انزل فاسلبه فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل. فقال: ما لي بسلبه حاجة يا ابنة عبد المطلب) . وهي أول امرأة قتلت رجلا من المشركين.
وكانت شاعرة فصيحة متقدمة عند جميع العرب بالقول والفعل والشرف، والحسب والنسب وكانت حين مات أبوها عبد المطلب جمعت أخواتها ونساء بني هاشم وصرن يرثينه بقصائد كل منهن بقدر طاقتها فكان ما قالته صفية من شعر ترثيه قولها:
أرقت لصوت نائحة بليل ... على رجل بقارعة الصعيد
ففاضت عند ذلكم دموعي ... على خدي كمنحدر الفريد
على رجل كريم غير وغل ... له الفضل المبين على العبيد
على الفياض شيبة ذي المعالي ... أبيك الخير وارث كل جود
صدوق في المواطن غير نكس ... ولا شحب المقام ولا سنيد
طويل الباع أروع شيظمي ... مطاع في عشيرته حميد
رفيع البيت أبلج ذي فضول ... وغيث الناس في الزمن الجرود
كريم الجد ليس بذي وضوم ... يروق على المسود والحسود
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 261