اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 26
بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون، وكان علي بن أبي طالب رحمه الله بعد نبينا بمنزلة هارون من موسى فغايتنا الجنة وغايتكم النار، فقال لها عمرو بن العاص: كفى أيتها العجوز الضالة وأقصري عن قولك مع ذهاب عقلك إذ لا تجوز شهادتك وحدك. فقالت له: وأنت يا ابن الباغية، تتكلم وأمك كانت أشهر امرأة بغي بمكة وآخذهن للأجرة ادعاك خمسة نفر من قريش فسئلت أمك عنهم فقالت: كلهم أتاني فانظروا أشبههم به فألحقوه به فغلب عليك شبه العاص بن وائل فلحقت به. فقال مروان: كفى أيتها العجوز وأقصري لما جئت له. فقالت له: وأنت أيضا يا ابن الزرقاء تتكلم، ثم التفتت إلى معاوية فقالت: والله ما جرأ علي هؤلاء غيرك فإن أمك القائلة في قتل حمزة:
نحن جزيناكم بيوم بدر ... والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان لي عن عتبة من صبر ... وشكر وحشي علي دهري
=حتى ترم أعظمي في قبري فأجابتها ابنة عمي وهي تقول:
خزيت في بدر وبعد بدر ... يا ابنة جبار عظيم الكفر
فقال معاوية: عفا الله عما سلف يا خالة هات حاجتك. فقالت: ما لي إليك حاجة، وخرجت عنه. وبعد خروجها التفت معاوية إلى أصحابه وقال لهم: والله لئن كلمها كل من في مجلسي لأجابت كل واحد منهم بجواب خلاف الآخر بدون توقف.
وهكذا فإن نساء بني هاشم أصعب في الكلام من رجال غيرهن وأمر لها بجائزة تليق بمقامها، وبقيت مكرمة بين قومها إلى أن توفيت بالمدينة بخلافة معاوية.
أروى ابنة كريز بن عبد شمس
كذا نسبها ابن منده وأبو نعيم والصواب ابنة كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس وهي أم عثمان بن عفان وأمها أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم ماتت في خلافة عثمان، وكانت عاقلة ورعة لها صحبة بالنبي صلى الله عليه وسلم وروت عنه الحديث وحدثت أناسا كثيرين.
أزرميدخت ابنة أبرويز
كانت من أجمل النساء وجهاً وأحسنهن ذكاء، وأوفرهن عقلا، وأليقهن فعلا ولتعلق الفرس بمحبتها ورغبتهم في علو همتها ملكوها عليهم بعد قتل (خشينده) من بني عم (أبرويز) والدها الأبعدين، وكان عظيم الفرس يومئذ: (هرمز أصبهبد) خراسان فأرسل إليها يخطبها فقالت: إن التزوج للملكة غير جائز وغرضك قضاء حاجتك مني فسر إلي وقت كذا ففعل وسار إليها تلك الليلة فتقدمت إلى صاحب حرسها أن يقتله فقتله وطرح في رحبة دار المملكة، فلما أصبحوا رأوه قتيلا فغيبوه. وكان ابنه رستم وهو الذي قاتل المسلمين بالقادسية خليفة أبيه بخراسان فسار إليها في عسكر حتى نزل بالمدائن وحاصرها حتى ضاقت به ذرعا فطلب أهلها منه الأمان فأمنهم بشرط تسليم الملكة إليه فقبلوه منه ذلك ودخل المدينة وألقى القبض على (أزرميدخت) وسمل عينيها وقتلها. وقيل: بل سملت نفسها وكانت مدة ملكها ستة عشر شهرا.
أسباسيا زوجة بركليس
كانت من أشهر نساء اليونان حسنا وجمالا وعقلا، وفصاحة، وبلاغة، وأدبا، وفطنة، وخطابا لها اليد الطولى على جميع نساء عصرها بموفقتها لزوجها حتى إنها كانت تسير معه أين سار، وتشاركه في كل أعماله العقلية والفعلية، والأتعاب الرياضية وميادين النزال، وتعمل أعمالا يعجز عنها أقوى الرجال حتى أنها اكتسبت بذلك
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 26