responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز    الجزء : 1  صفحة : 245
حكي أنها حضرت مأتما فيه بنت عثمان بن عفان فقالت بنت عثمان: أنا بنت الشهيد فسكتت سكينة حتى إذا أذن المؤذن وقال: أشهد أن محمدا رسولا لله، قالت لها سكينة: هذا أبي أم أبوك فقالت بنت عثمان: لا أفخر عليكم أبدا وكانت تجيء يوم الجمعة إلى المسجد فتقوم بإزاء ابن مطير فإذا شتم عليا شتمته هي وجواريها، فكان يأمر الحارث أن يضرب جواريها. وكانت سكينة عفيفة تجالس الأجلة من قريش وتجمع إليها الشعراء، وكانت ظريفة مزاحة، وكانت من أحسن الناس شعرا، وكانت تصفف جمتها تصفيها لم ير أحسن منه.
وحكي أنها أرسلت مرة إلى صاحب الشرط، إن دخل علينا شامي فابعث إلينا بالشرط، فركب وأتى، وأمرت بفتح الباب وخرجت جارية من جواريها وبيدها برغوث وقالت: هذا الشامي الذي شكوناه، فلما رأى الشرطي ذلك حصل هل الخجل وذهب هو ورجاله يخجله، وكانت قد اتخذت أشعب الطماع مسامرا لها ليمازحها وكانت تدر عليه العطايا وتنشرح لأخباره المضحكة. وقيل: إنها خرجت لها سعلة في أسفل عينها حتى كبرت ثم أخذت وجهها وعظم ما بها وكان دراقيس الطبيب منقطعا إليها وفي خدمتها فقالت له: إلا ترى ما وقعت فيه؟ فقال: أتصبرين على ما يمسك من اللم حتى أعالجك؟ قالت: نعم، فأضجعها وشق جلد وجهها وسلخ اللحم من تحته حتى ظهرت العروق وكان منها شيء تحت الحدقة فرفع الحدقة عنها حتى جعلها ناحية ثم سل عروق السلعة من تحتها وأخرجها ورد العين إلى موضعها وسكينة مضجعة لا تتحرك ولا تئن حتى فرغ وبرئت بعد ذلك وبقي أثر تلك الحزازة في مؤخر عينها.
وقيل: إنه اجتمع في ضيافة سكينة يوما جرير والفرزدق، وكثير عزة، وجميل صاحب بثينة، ونصيب فمكثوا أياما، ثم أذ1نت لهم فدخلوا فقعدت بحيث تراهم ولا يرونها وتسمع كلامهم، ثم خرجت جارية لها وضيئة قد روت الأشعار والأحاديث فقالت: أيكم الفرزدق؟ فقال لها: ها أنا ذا قالت: أنت القائل:
هما دلتاني من ثماني قامة ... كما انحط باز أقتم الريش كاسرة
فلما استوت رجلاي بالأرض قالتا ... أحي نرجي أم قتيل نحاذره
فقلت ارفعوا الأمراس لا يشعروا بنا ... وأقبلت في أعجاز ليل أبادره
قال: نعم، قالت: فما دعاك إلى إفشاء السر؟ خذ هذه الألف دينار والحق بأهلك، ثم دخلت على مولاتها وخرجت فقالت: أيكم جرير؟ قال: ها أنا ذا، فقالت: أنت القائل:
طرقتك صائدة القلوب وليس ذا ... حين الزيارة فارجعي بسلام
تجري السواك على أغر كأنه ... برد تحدر من متون غمام
لو كان عهدك كالذي حدثتنا ... لوصلت ذاك وكان غير ذمام
إني أواصل من أردت وصاله ... بحبال لا صلف ولا لوام
قال: نعم، قالت: أولا أخذت بيدها وقلت لها ما يقال لمثلها؟ أنت عفيف وفيك ضعف خذ هذه الألف والحق بأهلك. ثم دخلت على مولاتها وخرجت وقالت: أيكم كثير؟ قال: أنا: قالت: أنت القائل:
وأعجبني يا عز منك خلائق ... كرام إذا عد الخلائق أربع
دنوك حتى يدفع الجاهل الصبا ... ودفعك أسباب المنى حين يطمع
وإنك لا تدرين صبا مطلته ... أيشتد إن لاقاك أو يتضرع

اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز    الجزء : 1  صفحة : 245
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست