اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 165
عهده انصرفي فقد عزلته لك، ووقع لها بمثل توقيع أبيه الحكم فقبلت يده وأمر لها بجائزة، فانصرفت وبعثت إليه بقصيدة منها:
ابن الهشامين خير الناس مأثره ... وخير منتج يوما لرواد
إن هز يوم الوغى أثناء صعدته ... روى أنابيبها من صرف فرصاد
قل للإمام أيا خير الورى نسبا ... مقابلا بين آباء وأجدا
جودت طبعي ولم ترض الظلامة لي ... فهاك فضل ثناء رائح غادي
فإن أقمت ففي نعماك عاكفة ... وإن رحلت فقد زودتني زادي
وبقيت على ذلك مدة حياتها وهي مغمورة بخيراتها ومشهورة بالجود والكرم والأدب والحكم.
حفصة ابنة حمدون
كانت فاضلة، روض فضلها أريج، وحدائق معلوماتها وأدبها بهيج، وشاعرة رقت وكثر اختراعها للمعاني وإبداعها، تسترق القلوب بألفاظها الزاهرة، وتسكر العقول بمعانيها الساحرة تنظم فتأتي بكل عجيبة وتشنف الأسماع بكل غريبة، وتنثر فتفتض أبكار الدقائق بنظرها الثاقب، وتجلى غياهب المشكلات بفكرها الصائب هي من وادي الحجارة بالأندلس، وهي من أهل المائة الرابعة. ومن شعرها:
رأى ابن جميل أن يرى الدهر مجملا ... فكل الورى قد عمهم صيب نعمته
له خلق كالخمر بعد امتزاجها ... وحسن فما أحلاه من حين خلفته
بوجه كمثل الشمس يدعو ببشره ... عيونا ويغشيها بإفراط هيبته
ولها أيضا:
لي حبيب لا ينثني بعتاب ... وإذا ما تركته زاد تيها
قال لي هل رأيت لي من شبيه ... قلت أيضا وهل ترى لي شبيها
ولها تذم عبيدها:
يا رب إني من عبيدي على ... جمر الغضا ما فيهم من نجيب
أما جهول أبله متعب ... أو فطن من كبر لا يجيب
ومن قولها أيضا:
يا وحشتي يا وحشتي ... يا وحشة متمادية
يا ليلة ودعته ... يا ليلة هي ماهية
حفصة ابنة الحجاج الركونية
كانت أديبة في زمانها, أبلغ شعراء أوانها شعرا وأدقهم نظرا. شعرها جيد ذات رونق فائق, وديباجة حسنة. وكان لها اليد الطولى في سبك المعاني, واستعمال الألفاظ الشائقة. ولم يكن شعرها مع جودته مقصورا على أسلوب واحد, بل كانت تتفنن فيه وتدخل في أساليب مختلفة, وكانت غزيرة المادة من الأدب مطلعة على شعر العرب الخلص وغيرهم. وكانت تكتب الخط الجيد وهي من أذكياء العرب المشهود لهم بالتفوق والبراعة في مبدأ أمرها كثيرا, وحفظت كثيرا, ولما كبرت وشبت ظهر لها جمال بارع
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 165