اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 163
وتقودهم بفصاحة خطابها وكانت تعول من يلتجئ إليها وتعامله معاملة القريب والصديق وتجاهد في إقامة الحقوق لهم، وإن لم تكن، وأما من لم يكن على غرضها فلم يجد راحة في معيشة، ولو كان صاحب حق وما ذلك غلا لنفوذ سطوتها عند الحكام.
وفي سنة 1208 هـ جعلها الأمير بشير حاكمة على مقاطعة العرب فأدارت الحكم بفطنة لا مزيد عليها، ولما سجن الأمير بشير وأخوه الأمير حسن والشيخ بشير جنبلاط في سجن أحمد باشا الجزار بعكا أرسلت إلى الأمير بشير أموالا جزيلة، وقامت بأمر عياله، وأخذت تجتهد في استمالة الناس إليه. ولما ولى عبد الله باشا على الجبل الأمير حسن والأمير سليمان الشهابيين إذ تعهد له بزيادة المرتب من المال على الجبل سارت هي برفقة الأمير بشير والشيخ بشير إلى حوران، وكانت تخابرهما في شأن أحوال البلاد.
ويروى أنها حاربت العرب إذ تعدوا على دروز حوران واستظهرت عليهم، ثم رجع الأمير بشير إلى ولايته فعادت إلى منصبها، ثم وقع الاختلاف بينها وبين الأمير بشير سنة 1237 هـ بعد اعتقال عبد الله باشا وتوسط الأمير بشير أمره في مصر وعوده ظافراً، وكانت متحدة مع الشيخ بشير في مقاومة الأمير بشير فصادره الأمير بشير بعد رجوعه وأتعبه، فلما غلب الشيخ بشير سنة 1240 هـ توجهت إلى بشامون فأتى الأمير بشير قاسم التهامي بامر الامير بشير عمر الحاكم ليصادرها في أموالها، وشدد عليها فما لبثت أن ماتت في تلك الأثناء. قيل: حتف أنفها. وقيل: بدسيسة من الأمير بشير وكان عمرها 58 سنة. ودفنت ببشامون وخلفت أولادها الأربعة وهم: الأمير منصور، والأمير أحمد، والأمير حيدر، والأمير أمين. وكانت اعتنت بتربيتهم بعد موت زوجها اعتناءا حتى نبغوا بين الأمراء الشهابيين.
حبيبة بنت مالك بن بدر
كانت عقل ثاقب، وفكر صائب، ترجع إليها رؤساء قبيلتها بالرأي ويشاورونها في مهام الأمور وكانت بهية الطلعة، حسنة الهيئة، لها بعض أشعار رائقة، ومقالات فائقة. وكان أبوها مالك بن بدر قتل في حرب داحس والغبراء بسبب الرهان المشهور قتله جنيدب أحد بني رواحة فقالت ترثيه:
لله عينا من رأى مثل مالك ... عقيرة قوم إن جرى فرسان
فليتهما لم يشربا قط قطرة ... وليتهما لم يرسلا لرهان
أحربه أمس الجنيدب ندرة ... فأي قتيل كان في غطفان
إذا سجعت بالرقمتين حمامة ... أو الرس فابكي أنت فارس كنعان
حبيبة بنت عبد العزى العوراء
كانت من كرماء النساء المشار إليهن في ذاك الزمان وشاعراتهم الموصوفات، ولقبت بالعوراء لكونها كانت ذات حول في عينها. ومن شعرها في ذلك قولها:
أإلى الفتى بر تلكأ ناقتي ... فكسا مناسمها النجيع الأسود
إني ورب الراقصات على منى ... بجنوب مكة هديهن مقلد
أولى على هلك الطعام ألية ... أبدا ولكني أبين وأنشد
وصى بها جدي وعلمني أبي ... نفض الوعاء وكل زاد ينفد
فاحفظ يمينك لا أبا لك واحترس ... لا تخرقنه فأره أو جد جد
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز الجزء : 1 صفحة : 163