responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز    الجزء : 1  صفحة : 150
العمومية وكانت المدينة تزين كل ليلة بالأنوار. وفي صباح أحد الأيام دخلت "جوزفين" إحدى غرفها فوجدت ناصلة ذهبية مع كل أدواتها وكانت من الذهب أيضا وقد أهداها إليها مجلس بلدية باريس.
وفي مساء تتويجها أطلق الشعب منطادا كبيرا في الجو مصنوعا على هيئة التاج الملكي، فبقي مدة ظاهرا فوق باريس ثم سار نحوالجنوب.
وفي مساء اليوم التالي وقع في مدينة رومية -وهي تبعد مسافة تسعمائة ميل عن باريس- ثم حدث على أثر تتويج "نابوليون" أن مديري جمهورية إيطاليا كتبوا إلى "نابوليون" -وكان وقتئذ رئيسهم- يطلبون إليه أن يرافقهم على "ميلانو" ويتوج ملكا عليهم إذ كان هو المنقذ لهم من أيدي أعدائهم النمسويين، وكان من عوائد "نابوليون" السفر بغير أن يعلم أحدا من قبل، ففي مساء يوم من الأيام بعد عماد الابن الثاني لأخيه "لويس" أمر بإعداد الخيل للسفر إلى إيطاليا الساعة السادسة من الصباح فرافقته "جوزفين" في هذا السفر، وكانا حيثما يصلان يستقبلهما الشعب بالترحاب ويزين لهما المدن ويدعو لهما بالنصر، وكانت "جوزفين" حاصلة حينئذ على كل ما من شأنه أن يجعلهما أسعد البشر لولا أمر واد وهو عدم وجود ولد ل "نابوليون"، ولكنها لما وصلت إلى إيطاليا نسيت غمها وقضت هنالك عدة أيام بغبطة وهناء، وكان بينهما وبين البابا "بيوس السابع" صداقة قوية وقد رافقهما بنفسه إلى "تورين"، ولما افترق عنها أهدت إليه كاسا من فخار (سافراس) ومن "تورين" أخذها "نابوليون" إلى ساحة "مارنفو" حيث نشبت أعظم وقائعه وهناك لبس ثيابه الحربية ووقف في وسط ثلاثين ألف جندي ومثل لها واقعة القتال.
وفي الثامن من (ماي) سنة 1805م دخلا ميلانو، وكانت المدينة مزينة والفرح والطرب قائمين فيها. وفي السادس والعشرين من الشهر نفسه توج "نابوليون" ملكا على إيطاليا في كنيسة "ميلان" ولم يكن هذا الاحتفال أقل من الاحتفال في كنيسة "نوتردام" والذي زاد هذه الحفلة عظمة وأبهة أنه أخضر ل "نابوليون" -سوى التاج المعد لتتويجه- تاج "شارلمان" الحديدي ولم يكن هذا التاج قد علا رأس الملوك منذ أيام "شارلمان" من ألف سنة، وهنا أيضا كما في "نوتردام" لم يدع أحدا يضعه على رأسه بل وضعه هو بنفسه ثم توج "جوزفين" هو أيضا وأقاما مدة شهر في "ميلانو" وذهبا منها إلى "جنوى" ثم رجعا على باريس، وكان "نابوليون" قد أعطى "جوزفين" لائحة عن سفرهما وعن جميع الأماكن التي سيقفان فيها والخطب والأجوبة التي سيخطبها ويجيب بها، والهدايا التي كان يجب عليها تقديمها، والمبالغ التي يمكنها أن تنفقها، فكانت "جوزفين" تقضي قسما من كل صباح في درس هذه المثالات وقد أظهر "نابوليون" ل "جوزفين" في هذا السفر ما لا مزيد عليه من البشاشة والأنس، وكانا دائما مسرورين.

وذكرت "جوزفين" فيما بعد أن هذا السفر من أسر أسفارها مع "نابوليون"، وكانا حيثما يصلان يتلاقهما الشعب بالترحاب، ويقيم لهما الأفراح، ويولم الولائم. وبعد وصولهما إلى باريس بمدة وجيزة سمعا أن قصد "أيوجين" ابن "جوزفين" الاقتران بابنة ملك "بافاريا" فذهبا على "ميونخ" ليحضرا الزفاف فاجتمعت "جوزفين" بابنها وفرحت له بعروسه خصوصا لأنها كانت في كل شيء كما تشتهي، ثم رجعا من هناك إلى باريس مشيعين بجمهور كبير من أمراء "جرمانيا" وأميراتها، وكانت "جوزفين" وقتئذ في ذروة من المجد التي لا يمكن هذا العالم أن يمنحها لأحد من البشر فإن كل أوروبا كانت عند قدمي زوجها، وابنتها "هورنتس" كانت ملكة "هولاندا" وابنها "أيوجين" كان نائب ملك إيطاليا، وصهر ملك "بافاريا". وكان "نابوليون" قد نزع من فكره طلاقها وقرر أن ابن أخيه "لويس نابوليون الأكبر" سيكون وارث ملكه فزالت كل الارتباكات في ذلك الوقت من هذا القبيل، وكان "نابوليون" دائما معجبا ب "جوزفين" حتى كان يقول في غالب الأوقات "إنه لا نظير لها

اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز    الجزء : 1  صفحة : 150
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست