اللخناء. فصفعوه نحو مائة صفعة، فخفى الرجل بذلك، ولم يعلم أحد بما كان ألقى إليه الرجل، وظنوا أنه ينصح بغير ما يحتاج إليه، لما جرى عليه من المكروه، حتى كان من الرشيد ما كان في أمر البرامكة فأظهر ذلك.
رجع الحديث إلى سياقة خبر يحيى.
قالوا: فلما علم الفضل بمكان يحيى بن عبد الله كتب إلى يحيى:
إني أحبّ أن أحدث بك عهدا، وأخشى أن تبتلى بي وأبتلى بك، فكاتب صاحب الديلم، فإني قد كاتبته لك لتدخل في بلاده فتمتنع به.
ففعل ذلك يحيى.
وكان قد صحبه جماعة من أهل الكوفة، فيهم ابن الحسن بن صالح بن حي، كان يذهب مذهب الزيدية البتريّة «1» في تفضيل أبي بكر وعمر وعثمان في ست سنين من إمارته ويكفره في باقي عمره، ويشرب النبيذ ويمسح على الخفين، وكان يخالف يحيى في أمره ويفسد أصحابه.
قال يحيى بن عبد الله:
فأذّن المؤذن يوما وتشاغلت بطهوري، وأقيمت الصلاة فلم ينتظرني وصلّى بأصحابي، فخرجت فلما رأيته يصلى قمت أصلي ناحية ولم أصل معه لعلمي أنه يمسح على الخفين، فلما صلّى قال لأصحابه: علام نقتل أنفسنا مع رجل لا يرى الصلاة معنا، ونحن عنده في حال من لا يرضى مذهبه؟.
قال: وأهديت إليّ شهدة في يوم من الأيام وعندي قوم من أصحابي، فدعوتهم إلى أكلها، فدخل في أثر ذلك فقال: هذه الأثرة، أتأكله أنت وبعض أصحابك دون بعض؟.
فقلت له: هذه هدية أهديت إليّ، وليست من الفيء الذي لا يجوز هذا فيه.
فقال لا: ولكنك لو وليت هذا الأمر لاستأثرت ولم تعدل.
وأفعال مثل هذا من الاعتراض.
وولى الرشيد الفضل بن يحيى جميع كور المشرق وخراسان، وأمره بقصد يحيى والخديعة به، وبذل له الأموال «2» والصلة إن قبل ذلك، فمضى الفضل فيمن