قال: على أن تؤمنني «1» من الأسود والأحمر.
قال: نعم، وأحسن إليك.
قال: كنت في خان من خانات حلوان، فإذا أنا بيحيى بن عبد الله في درّاعة صوف غليظة وكساء صوف أحمر غليظ، ومعه جماعة ينزلون إذا نزل ويرتحلون إذا رحل ويكونون معه ناحية، فيوهمون من رآهم أنهم لا يعرفونه وهم أعوانه، مع كل واحد منهم منشور بياض يؤمن به إن عرض له.
قال: أو تعرف يحيى؟
قال: قديما وذاك الذي حقق معرفتي بالأمس له.
قال: فصفه لي.
قال: مربوع، أسمر، حلو السمرة، أجلح، حسن العينين، عظيم البطن.
قال: هو ذاك. فما سمعته يقول؟ قال ما سمعته يقول شيئا، غير أني رأيته ورأيت غلاما له أعرفه، لما حضر وقت صلاته فأتاه بثوب غسيل فألقاه في عنقه ونزع جبته الصوف ليغسلها، فلما كان بعد الزوال صلّى صلاة ظننتها العصر، أطال في الأولتين وحذف الأخيرتين.
فقال له الرشيد: لله أبوك، لجاد ما حفظت، تلك صلاة العصر وذلك وقتها عند القوم، أحسن الله جزاءك، وشكر سعيك فما أنت؟ وما أصلك؟.
فقال: أنا رجل من أبناء «2» هذه الدولة، وأصلي مرو، ومنزلي بمدينة السلام.
فأطرق مليا ثم قال: كيف احتمالك لمكروه مني تمتحن به في طاعتي؟
قال: أبلغ في ذلك حيث أحبّ أمير المؤمنين.
قال: كن بمكانك حتى أرجع، فقام فطعن في حجرة كانت خلفه، فأخرج صرة فيها ألف دينار، فقال: خذ هذه ودعني وما أدبّر فيك، فأخذها الرجل وضم عليها ثوبه، ثم قال: يا غلام، فأجابه مسرور، وخاقان، والحسين فقال: اصفعوا ابن