من أهل مصر؛ فبعث إليه رجلا قديما من القبط، فاستخبره عمر عن مصر وخراجها قبل الإسلام، فقال: يا أمير المؤمنين، كان لا يؤخذ منها شىء إلا بعد عمارتها، وعاملك لا ينظر إلى العمارة، وإنما يأخذ ما ظهر له؛ كأنه لا يريدها إلا لعام واحد. فعرف عمر ما قال، وقبل من عمرو ما كان يعتذر به.
ذكر نهي الجند عن الزرع
(* قال عبد الرحمن «1» ثم إن عمر بن الخطاب فيما حدثنا عبد الملك بن مسلمة، عن ابن وهب، عن حيوة بن شريح، عن بكر بن عمرو، عن عبد الله بن هبيرة، أمر مناديه أن يخرج إلى أمراء الأجناد يتقدّمون إلى الرعيّة؛ أنّ عطاءهم قائم، وأنّ رزق «2» عيالهم سائل، فلا يزرعون ولا يزارعون.
قال ابن وهب: فأخبرنى شريك بن عبد الرحمن المرادى، قال: بلغنا أن شريك بن سمىّ الغطيفى أتى إلى عمرو بن العاص، فقال: إنكم لا تعطونا ما يحسبنا، أفتأذن لى بالزرع؟ فقال له عمرو: ما أقدر على ذلك، فزرع شريك من غير إذن عمرو، فلما بلغ ذلك عمرا كتب إلى عمر بن الخطاب يخبره أنّ شريك بن سمىّ الغطيفيّ حرث بأرض مصر فكتب إليه عمر: أن أبعث إلىّ به، فلما انتهى كتاب عمر إلى عمرو أقرأه شريكا، فقال شريك لعمرو: قتلتنى يا عمرو، فقال عمرو: ما أنا قتلتك، أنت صنعت هذا بنفسك، قال له: إذ كان هذا من رأيك، فأذن لى بالخروج إليه من غير كتاب، ولك عهد الله أن أجعل يدى فى يده، فأذن له بالخروج، فلما وقف على عمر قال: تؤمّنّى يا أمير المؤمنين؟ قال: ومن أىّ الأجناد أنت؟ قال: من جند مصر، قال: فلعلّك شريك بن سمى الغطيفى؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال لأجعلنّك نكالا لمن خلفك، قال: أو تقبل منّى ما قبل الله من العباد، قال: وتفعل؟ قال: نعم، فكتب إلى عمرو بن العاص: إنّ شريك بن سميّ جاءنى تائبا فقبلت منه*) .