اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 94
أقول: أما إسلام بركة خان، فقد ذكرنا أنه كان في سنة اثنتين وخمسين وستمائة، على يد خادم الشيخ الباخرزى الذي كان من جملة مريدي الشيخ نجم الدين كبرا، رحمه الله، من ذرية عمار بن ياسر الصحابى رضي الله عنه، وكان نجم الدين كبرا من كبار الصالحين، وأعيان المحققين بخوارزم، وقد ذكرناه، وأما الحرب الذي وقع بين بركة خان وهلاون، فكان حربا عظيما، انكسر فيها هلاون كسرا شنيعا، وقتل أكثر أصحابه، وغرق أكثر من بقي، وهرب هو في شرذمة قليلة من أصحابه، وبعد فراغ بركة خان من الحرب عاد على بلاد القسطنطينية وصانعه صاحبها، وأرسل إلى السلطان الملك الظاهر الرسل المذكوري، وأرسل السلطان إليه الهدايا المذكورة.
ذكر توجه السلطان الظاهر إلى الإسكندرية
وفي شوال منها: سافر السلطان الظاهر، رحمه الله، إلى إسكندرية، ونظر في أحوالها وأمورها، وعزل قاضيها وخطيبها ناصر الدين أحمد بن المنير.
وفي تاريخ بيبرس: وفي سادس شوال توجه السلطان إلى ثغر الإسكندرية، ولما وصلها نزل خارج المدينة، ونادى أن لا ينزل بالثغر جندي ولا يقيم به، ودخلها يوم الأربعا مستهل ذي القعدة، ورسم بردّ مال السهمين، وحط عن أهل الثغر ما كان مقررا من الفائدة، وهو ربع دينار القنطار عن كل ما يباع ويبتاع، وحضر إليه شخصان من أهل الثغر أحدهما زين الدين بن البورى، والآخر المركم بن الزيات وادعيا أن بالثغر أموالاً ضائعة، وكتبابها أوراقا، فسد ما أراد فتحه من أبواب المظالم، وأمر بإشهار ابن البورى، فأشهر بين العالم، وأنعم على الأمراء الذين معه بالقماش والخلع، وعاد إلى قلعة الجبل المحروسة في الحادي عشر من ذي القعدة الحرام.
ذكر بقية الحوادث
منها: وفود التتار المستأمنين من عسكر هلاون: وفيها: في سادس ذي الحجة وصلت جماعة كبيرة من التتار مستأمنين وفي الإسلام راغبين، فكانوا زهاء ألف نفس، وفيهم من أعيانهم كرمون، وامطغيه، ونوكيه، وجبرك وقيان، وناصغيه، وطبشور، وتبتو، وصبخى، وجوجلان، واجقرقا، وأرقرق، وكراي، وصلاغية، ومنقدم، وصراغان، وهؤلاء كانوا من أصحاب بركة، وكان قد أرسلهم إلى هلاون نجدة، فأقاموا عنده مدة، فلما وقع بينه وبين بركة، وتمكنت العداوة، كتب بركة إليهم بأن يفارقوا هلاون ويحضروا إليه، وإن لم يتمكنوا من التوجه إليه، فينحازوا إلى عساكر الديار المصرية، ولما وصلوا أسلموا، وطهروا، وقدم كبراؤهم المذكورون، وأمروا، وعينت لهم الإقطاعات. والطبلخانات، وأفيضت عليهم الصلاة والخلع والهبات، وأنزلهم باللوق.
فقال في ذلك القاضي محي الدين ابن عبد الظاهر:
يا مالك الدُنيا الذي ... أضحى صلاحاً للأمم
يامن محا بالعدل ما ... للظلم فينا منْ ظلم
يامن تُساق له التتا ... ر غنيمة مثل الغنم
خافوا سيوفك أنها ... ستسوقهم نحو النقم
فاتوا لبابك كلهم ... يأوون منه إلى حَرَم
أمِنوا مما يخا ... ف من البلايا والسِّقم
جعلوا جنابك جنة ... وثرى خيولك مًسْتلَم
بَسطوا يمنيا للهدا ... ية طالما خضبت بدم
أعطيتهم ما للمُؤَ ... لَّفةِ القُلوب من القِسًم
لا زِلْتَ يا ملكَ الزما ... ن لك الملوك من الخدم
ومنها: أنه زلزلت الموصل زلزلةً عظيمةً تهدمت أكثر دورها.
ومنها: أن الملك الظاهر جهز صناعاً وأخشاباً وآلات كثيرة لعمارة المسجد النبوي بعد حريقه، فطيف بتلك الأخشاب والآلات فرحة بها، وتعظيماً لشأنها، ثم ساروا بها إلى المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلوات.
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 94