اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 93
قلت: الرشيدي هو سيف الدين بلبان الصالحى، والدمياطي هو الأمير عز الدين، وأما البرلى فهو الأمير شمس الدين أقوش البرلى العزيزي، وكان قد حضر إلى الأبواب السلطانية في أوائل هذه السنة، وقد ذكرنا استيلائه على البيرة، وما اتفق بينه وبين العسكر الذين جردهم السلطان إليه، وكونه كسرهم وسلبهم، وأرسلهم على تلك الحال، فأخذه السلطان بالترغيب والترهيب، وجعل تارة يبسط الآمال، ومرة يضيق عليه الحال، وحينا يتحيل عليه بنوع من الإحتيال، حتى بذل الطاعة، ودخل فيها، فسر السلطان بذلك وأرسل الأمير بدر الدين بكتاش الفخري إلى دمشق ليتلقاه، ورتب الإقامات والأنزال بالطرقات له، ولمن معه من الأمراء العزيزية، ولما وصل أعطاه ستين فارساً وغيرها، وأوسع للذين وصلوا معه على قدر مراتبهم، وقربه وأدناه، واتخذه سميراً ومشيراً وأنيساً ونديما، ثم سأل هو النزول عن البيرة، فأجابه السلطان إلى قبولها منه بعد تكرار سؤاله، وعوضه عنها، ثم قبض عليه في ثاني يوم دخوله القاهرة من سفر الكرك والطور.
وقال الملك المؤيد: كان دخول البرلى في طاعة السلطان في سنة ستين وستمائة، وكان وصوله إلى القاهرة إلى خدمة السلطان في ثاني ذي الحجة من سنة ستين وستمائة، وكان قبضه إياه في رجب سنة إحدى وستين وستمائة، فكان آخر العهد به. ذكر وصول رسل بركة خان ملك التتار
وفي هذه السنة، وصلت رسل بركة خان وهم: الأمير جلال الدين بن القاضي والشيخ نور الدين علي، وغيرهما، مخبرين بإسلامه وعلى أيديهم كتابُ منه يتضمن ذكر من أسلم من بيوت التتار، وخرج عن زمرة الكفار، وتفصيلهم بقبائلهم وعشائرهم وأنفارهم وعساكرهم، وصغيرهم وكبيرهم،: قال: ودخل في دين الإسلام إخواننا الكبار، وإخواتنا الصغار وذراريهم، أولاد بوداكور بحشمهم وأولادهم بلاد كوكاخور ينشونوقا، ومن في بلادهم: قودعو، وقراجار، ونتش بغا، وشرامون، وبورباكو، ومنكقدار بجيوشه وسواده، وبك قداق باينال، وتقوزا غول، وقتلغ تيمور، وآجى وذريته، ودرباي، والتومان الذي تجرد إلى خرسان، وكل من توجه صحبة بايجو، مثل بانيال نوين، وايكاكوا، كل هؤلاء أسلموا بأسرهم، وأقاموا بالفرائض والسنن، والزكاة والغزاة، والجهاد في سبيل الله، وقالوا " الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله وقرأنا آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله " الآية. فليعلم السلطان انني حارتب هلاون الذي من لحمي ودمي لإعلاء كلمة الله العليا، تعصباً لدين الإسلام، لأنه باغى، والباغى كافر بالله ورسوله، وقد سيرت قصادي ورسلي صحبة رسل السلطان وهم: اربغا، وارتيمو، وأوناماس، ووجهت ابن شهاب الدين غازي معهم، لأنه كان حاضراً في الوقعة، ليحكي للسلطان ما رآه بعينه من عجائب القتال، ثم لنوضح لعلم السلطان أنه موفق للخيرات والسعادات، لأنه أقام إماماً من آل عباس في خلافة المسلمين، وهو الحاكم بأمر الله، فشكرت همته، وحمدت الله تعالى على ذلك، لاسيما لما بلغنى توجهه بالعساكر الإسلامية إلى بغداد، واستخلاص تلك النواحي من أيدي الكفار.
وتاريخ هذا الكتاب مستهل رجب سنة إحدى وستين وستمائة بمقام إتيل، وهو كتاب مطول مشتمل على إسهاب وإطناب، هذا من جملته.
وعادت رسل السلطان صحبتهم وهما: الأمير سيف الدين كشريك التركى جمدار خوارزم شاه، والفقيه مجد الدين الروذراورى.
فأكرم السلطان رسل بركة خان، ورسل الأشكرى، الواصلين معهم، وجهز لبركة من الهداية من كل شيء مستحسن وهى: ختمة شريفة، ذكر أنها بخط عثمان بن عفان رضى الله عنه بمراوقات، وسجادات للصلاة متنوعة الألوان خرق بندقى، وأكسية لواتية، ودسوت من النطوع المصردقة والأديم، سيوف قلجورية مسقطة، ودبابيس مذهبة، وخود فرنجية وطوارق مذهبة، فوانيس مغشاة، وشمعدانات، ومنجنيقات بأغشية، ومشاعل جفتاه، وقواعد برسمها مكفتة، سروج خوارزمية ونمازينات، ولجم، وكل ذلك بأنواع السقط بالذهب والفضة، قسى حلق قسى بندق، وقسى جروخ، ورماح قنى، وأسنة، ونشاب في صناديقه، قدور برام، وقناديل مذهبة بسلاسل فضة مطلاة بالذهب، وخدام سود وجوارى طباخات، وخيل سوابق عربية، وهجن نوبية، ودواب فارهة، ونسانيس، وبغابغ، وغير ذلك، وألبس رسله الفتوة، وأعادهم في شهر رمضان.
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 93