responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 460
قال بيبرس في تاريخه: وفيها أوقع بناصر الدين الشيخي الوزير إيقاعاً شديداً، وعزل عن الوزارة عزلاً مبيداً، وخلع من الإمارة خلعاً عنيفاً عتيداً، وطولب بالمال، وجنح سعده فمال وآل إلى شر مآل، وبسط عليه العقاب، وعذّب أمر العذاب، فأدركه حتفه، وفارقه إلفه، ومات شرّ ميتة، فكثر الشامت بوفاته، والناعت لسوء صفاته، والذاكر لظلماته ومحدثاته التي كان بها يتوصل إلى أرباب الدول، ويتوسل بأحداثها في تولية العمل، ولا يفكرفي جانب الله عز وجل، ولا يعلم أن الدعاء لا بد من تأثيره وإن طال الأجل، فأسخط الله عليه الذين أرضاهم بظلم عباده، وعجل له عذاب الدنيا قبل عذاب معاده، فلله در القائل:
وابغ رضى الله فأغنى الورى ... من أسخط المولى وأرضى العبيد
قلت: وناصر الدين المذكور كان من أولاد القاهرة فقيراً، وكان يتكسب بخياطة الكوافي والأقباع، ثم امتدت به أسباب الأطماع، فسافر مع الفقراء المجردين، ووصل إلى بلد ماردين، واتفق إلمامه بابن الصاحب، وهو الأمير شمس الدين محمد المعروف بابن التيتي، وحضر معه إلى الديار المصرية عند تردده في الرسيلة من جهة أحمد سلطان بن هلاون في الدولة المنصورية، ولما أقام شمس الدين المذكور بالأبواب السلطانية أقام المذكور وتظاهر بالجندية، وأعطى مبلغاً مرتباً على ساحل الغلة بالقاهرة ومصر، فما لبث أن تحدث في المعاملة حديثاً كثيراً، وأظهر فصولاً وأبدى فضولاً، وألزم بها لمقطعها ضماناً، وحدد فيها رسوماً ظلماً وعدواناً، ثم توصل حتى أنه باشر شدّ الدواوين، وانتقل منه إلى ولاية القاهرة، ومنها إلى ولاية الخاص بالجيزيّة، ثم طمحت نفسه إلى الإمارة، وسوّلت له طلب الوزارة، فبذل بذولاً قرّرها، ووعد أرباب الدولة وعوداً كررها وكثّرها، فتولى الوزارة كما ذكرنا، وآثر فيها ما شرحنا، ولم يخل من تفتيق مظلمة وتجديد حادثة مؤلمة، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى، وأولاه ما كان به من الهوان أولى، وأنجز للظالم وعيده، وللمظلوم وعده، إن وعده كان مفعولاً، فليحذر الغافل إذا نزقت به الأيام إلى المعاقل، فإن لها بعد الرفع وضعاً، وبعد التمكين صرعاً، وليأخذ بالرفق ويتجنب الجور والخرق. قال الشاعر:
فإن المظالم يوم المعاد ... لمن قد تزوّدها شر زاد

اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 460
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست