اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 459
ومنها: أن نجم الدين أبا بكر بن بهاء الدين بن خلكان ادعى بدمشق أنه حكيم الزمان، وأنه يخاطب بكلام يشبه الوحي من جملته: يا أيّها الحكيم افعل كذا، يا أيها الحكيم افعل كذا، وادعى أنه قد اطلع على علوم كثيرة وطلسمات عظيمة منها: طبل إذا ضرب به انكسر العدو وانهزم، وغير ذلك، وادعى أنه أرسل إلى الملك الناصر بمصر أنه إذا اجتمع به عمل له طلسمات عظيمة في فنون شتى، فعقد مجلس بدمشق بحضرة النائب جمال الدين أقوش الأفرم وطولب بإقامة البرهان على صحة دعواه، فلم ينهض، فاستتيب وأطلق على أنه لا يعود، فأقام مدة، ثم عاد إلى دعواه فأمسك واستتيب وأطلق، فأقام مدة، ثم عاد إلى دعواه، فأودع المارستان وأقام مدة، ثم خرج منه، فتوجّه إلى القاهرة وعاد إلى دعواه، فأمسكه الأمير سيف الدين ألجاي الدوادار واستتابه وأطلقه، فأقام مدة، ثم عاد إلى دعواه ولم يزل مصرّاً عليها، وكان هذا الرجل قبل هذه الدعوى ينوب عن الحكام بالشام، فلما غلب عليه هذا الحال ترك الولايات الحكميّة وأخذ في هذه الحال.
ومنها: أن الشيخ تقي الدين ابن تيمية توجه ومعه جماعة إلى مسجد النارنج بدمشق، فأحضر جماعة من الحجارين وقطع صخرة هنالك كان الناس يزورونها ويندرون لها، وكان لهم فيها أقاويل كثيرة فأزالها.
وقال صاحب النزهة: وفيها وصل كتاب نائب الشام يذكر فيه عن الشيخ تقي الدين بن تيمية أنه جرى بينه وبين أهل دمشق منازعة بسبب الصخرة التي كانت بمسجد النارنج، وكان كثير من الدماشقة يترددون إليها يدّعون أن فيها أثر قدم النبي صلى الله عليه وسلم، ويتغالون في أمرها، ففسدت بذلك حال جماعة كثيرة من الرجال والنساء، واتفق أن الشيخ تقي الدين أنكر ذلك، وأنكر على جماعة كثيرة، فوقع بينهم تنازع، فبلغ ذلك إلى نائب الشام، وبلغ أنه يريد قطعها، وأكابر الشام والقضاة لا يمكنونه، وآخر الأمر قام الشيخ فيه قياماً عظيماً، وركب بنفسه، وأخذ جماعة من الحجارين ودخل المسجد، وأخذ الفأس بيده، وقطع الحجارون بعده، ولم يبق لها أثر، وكيف يكون العمل في هذا الرجل؟ فإنه يقول: إن هذه بدعة، وإنه لم يصح عنده شيء فيها، فكتب الجواب عن كتاب نائب الشام: أن الأمر إن كان على ما زعمه ابن التيمية فقد فعل الخير وأزال بدعة في الإسلام، وإن كان أمره غير صحيح فبينوا عليه عدم صحة ما فعله وتعديه، ثم قابلوه على ما فعله.
ومنها: كان دخول الأمير مظفر الدين موسى بن الملك الصالح علاء الدين علي بن الملك المنصور على بنت الأمير سلار نائب السلطان.
وقال صاحب النزهة: وكان سلار مملوك الملك الصالح، وهو الذي ربى أمير موسى المذكور، وأحسن تربيته، ورأى أن ابن أستاذه أحق وأولى من غريب يأتي، فعرف السلطان والأمراء بذلك، وسرعوا في أمر التهادي والتقادم للعرس، فقدّموا شيئاً كثيراً، ويقال: إن سلار أقام ثلاث سنين يعمل جهاز بنته من سائر الأصناف، وعمل من كل شيء حتى عمل برسم بيت الخلاء بكلة من الفضة والنحاس المكفت، وكان جملة ما صنعه من الجهاز - على ما نقله من يوثق به - مبلغ مائة ألف وستين ألف دينار، وكان المهم في القلعة، ولم يبق أحد من الأمراء إلاّ وقد مشى في خدمته، وكان الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير هو الذي تولى أمر ذلك المهم، وجميع الأمراء، وحمل له من الشمع ثلاثمائة وثلاثون قنطاراً.
ومنها: أن نيابة صفد فوضت لسيف الدين سنقرجاه المنصوري، عوضاً عن الأمير بتخاص، وحضر بتخاص إلى مصر وأقام بها، وفوضت الحجوبية بدمشق للأمير بكتمر الحسامي.
ومنها: أنه ظهر في معدن الزمرد بمصر قطعة كبيرة لم تكن ظهرت في المعدن من أول ظهوره إلى ذلك الوقت مثل ذلك، وكان وزنها مائة وخمسة وسبعين مثقالاً، فسرقها الضامن وحملها إلى ملك اليمن، فدفع له فيها مائة ألف وعشرين ألف، فما رضي ببيعها ورجع بها، فأخذت منه وحملت إلى الملك الناصر، فانفطرت مرارة الضامن ومات، وهذا المعدن لا يوجد في الدنيا إلا بالديار المصرية فقط، والله أعلم.
ومنها: أنه أجدب الشام من الغور إلى مصر جدباً عميماً، وقلت المياه حتى ارتحل بعض أهلها من عدم الماء واختلاف أنواء السماء.
ذكر الإيقاع بناصر الدين الشخي الوزير
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 459