اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 447
وقال ابن كثير: توفي قازان بالقرب من همدان ونُقل إلى تربته بتبريز، بمكان يُسمى بالشام، ويقال: إنه مات مسموماً، والله أعلم.
وفي نزهة الناظر: لما حصل من كسر عسكر قازان ما حصل، وما عدم من أمرائه وأكابر المغل لم يطق ينظر إلى وجه بقية أمرائه ولا يتحدث معهم، وعزل نفسه عن النوم مع أزواجه، وصار كلما ركب يجد في أي مكان يجوز عليه أو ينزل عزاءً وبكاءً وتعديداً على من عدم من أهله، واشتاع بين نساء المغل أن قازان هو الذي قتل هؤلاء لأنه ما كانت عادة المغل أن يدخلون الشام بغير ملك، ومتى كان للمغل عادة بالدخول إلى بلاد الإسلام.
واتفق في هذه الأيام وصول خبر من كيلان أن نائبه قطلوشاه قتل هو وأميران معه من أمراء المغل وجماعة من الذين كانوا معه، فازداد ناراً على نار وحرقة على حرقة، ولا سيما اشتاع الخبر بين نساء المغل وبقية العسكر أن أحداً من ملوك المغل لم يظفر بأخذ هذا المكان، وكانت عادة الملوك من المغل إذا أرادوا هلاك أحد من أمرائهم أرسلوه إلى هذا المكان، فلا بد وأن قازان سير قطلوشاه إلى هذا المكان ليُقتل هناك والجماعة الذين معه، ولما سمع بذلك قازان ازداد غيظاً في نفسه وانطلقت نيران في كبده بسبب ما اتفق لعساكره، وبقي متحيراً لا يدري أي جهة يقصد إلى أن قوي عزمه على جمع العساكر ليغزو بلاد الإسلام، ثم يتوجه إلى بلاد كيلان، وطلب وزراءه وأمرهم أن يحصلوا أموالاً لأجل النفقات.
ولما سمع الأمراء بذلك أرادوا أن يسألوه أن يؤخر الغزاة في هذه السنة، ولم يجسر أحد على الكلام معه.
ووجد قازان في نفسه من الانحصار وضيق الصدر، فطلب حكيماً وعرّفه بحاله. فقال له: إنه يصلح للملك الركوب والتنزه، وأمر بالتجهز إلى الري، وما وصل إليها إلاّ وقد أحسّ في جسمه بالألم.
فمن الناس من أخبر أنه مات من دُبلة على قلبه.
ومنهم من أخبر ان أمراء المغل اتفقوا مع امرأة غازان على إهلاكه وقالوا لها: إن الملك يريد إفناء المغل، ثم يدخل عسكر مصر وسلطانها إلى هذه البلاد ويخربوها، وإن القُصاد حضروا من مصر وعرفوهم بذلك، وإن سلطان مصر عزم على أن يفعل بهذه البلاد ما فعله قازان ببلادهم، وجهزوا لها فصوصاً مثمنةً وجواهر مقوّمة على أن تسقيه شيئاً يمرض به، ليشتغل بنفسه عن الركوب، ولم يزالوا بها إلى أن وافقتهم على ما اختاروا، وكان قازان يحب زوجته محبة عظيمة، واسمها بلغان خاتون، فصنعت له شيئاً من السموم في مشروب وسقته.
ومنهم من يقول: إنها سمته في منديل الجماع، فسقطت محاشمه بعد أيام. وحُمل إلى تربة كان صنعها على مرحلة من تبريز، فسّماها دمشق الصغيرة، وعمّر فيها عمارات عظيمة، وأوقف عليها أوقافاً كثيرة.
ذكر جلوس خربندا أخ قازان في السلطنة بعده
قال بيبرس في تاريخه: جلس خربندا أخو قازان في السلطنة، ولُقبّ غياث الدين محمد، وله من الأولاد: أبو يزيد وبسطام.
وقال ابن كثير: وكان جلوسه على سرير المملكة بتاريخ الثالث والعشرين من ذي الحجة، ولُقبّ أولجاتو سلطان، ولقب أيضاً غياث الدين محمد، وخُطب له على منابر العراق، وخراسان وتلك النواحي.
وقال صاحب النزهة: وكان خربندا في جهة الروم، وكان قازان أرسل إليه ليحضر عنده، فحضر قبل وفاة أخيه، ولما تولى رسم لعسكره الذي جمعه قازان أن يذهب كل أحد منهم إلى مكانه، ثم طلب رسل السلطان الملك الناصر الذين عوقهم قازان عنده من يوم أرسلهم الناصر فأكرمهم وأنعم عليهم، ورسم بتجهيزهم، وتجهيز رسول من جهته صحبتهم، ليسعى بينه وبين السلطان بالودّ والمحبة وبرد الجواب. ذكر خروج السلطان إلى الصيد والتنزه
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 447