اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 428
وفيها استعفى الأمير سيف الدين بتخاص من نيابة صفد، وتولاها الأمير شمس الدين سنقرجاه المنصوري، وأقام بتخاص بمصر، ورسم بنقل الأمير سيف الدين قفجق من مدينة الشوبك إلى نيابة حماة بحكم وفاة نائبها، ورسم للأمير سيف الدين بلبان الجوكندار بنيابة حمص بحكم وفاة نائبها الأمير سيف ألبكي، وكان بلبان المذكور نائب قلعة دمشق تولاها عوضاً عن الأمير سنجر المعروف بأرجواش بحكم وفاته، ثم تولى نيابة قلعة دمشق عوضاً عن بلبان المذكور الأمير ركن الدين بيبرس التلادي، ثم استعفى الأمير بلبان المذكور عن نيابة حمص، وتولاها الأمير عز الدين الحموي الظاهري.
وفوض قضاء القضاة الشافعية بالشام للقاضي نجم الدين أبي العباس أحمد ابن صصري الشافعي، عوضاً عن بدر الدين بن جماعة، وطلب بدر الدين للقاهرة، فتولى قضاءها، عوضاً عن تقي الدين ابن دقيق العيد بحكم وفاته، وفوضت خطابة جامع بني أمية لزيد الدين عبد الله بن مروان الشافعي الفارقي، وفوضت مشيخة الشيوخ بالشمبساطية للقاضي جمال الدين الزرعي، ثم عزل، وفوضت للشيخ أبي عز الدين بن عبد السلام، ثم عزل، وفوضت للشيخ صفي الدين محمد الأرموي المعروف بالهندي بسؤال من الصوفية، وباشر الشيخ شرف الدين الفزاري مشيخة دار الحديث الظاهرية، عوضاً عن الشيخ شرف الدين الناسخ.
ذكر الزلزلة الكائنة بالبلاد المصرية
قال بيبرس في تاريخه: وفيها في يوم الخميس الثالث والعشرين من ذي الحجة: حدثت زلزلة عظيمة بكرة النهار بالقاهرة ومصر وسائر أعمال الديار المصرية، وخاصة في ثغر الإسكندرية، وكانت عظيمة حتى أن الجدر تساقطت، والجبال تشققت، والمباني تهدمت، والصخور تقطعت، والمياه من خلال الأرضين تفجرت، ومادت الأرض بمن عليها، وماجت المساكن بساكنيها، وتشعثت الأسوار والأركان، وثار الصراخ بكل مكان، وخرجت النساء حاسرات إلى الطرقات، وظن الناس أنها إماتة الأحياء وقيامة الأموات، وابتهلوا إلى رب السموات لما عراهم من المخافات، فأدركتهم رأفته، وأنقذتهم رحمته بأن سكّن زلزالها، وخفّف أهوالها، ولو دامت ثلث ساعة من النهار لم يبق على الأرض دار ولا ثبت بها جدار، فكان تقصير مسافتها وتخفيف آفتها لطفاً من الله بعباده، ومنّةً على ساكني بلاده، وأثرت في البحرين العذب والأجاج، وأثارت فيها الأمواج، وارتج كل منهما غاية الارتجاج، وكان تأثيرها قوياً جداً بالإسكندرية والنواحي الغربية، وهدمت بالثغر أكثر الأبراج والأسوار، ورمت جانباً وافراً من المنار، وفاض البحر المالح وطمى، وتعطمط الماء وأغرق قماش القصارين، وكسر قوارب البحارين، وقطع مراسي المراكب الفرنجية وطرح أكثرها إلى الأسوار والشعاب.
ولما عاين أهل الثغر هيجان البحار، وانهدم المنار، وتساقط المآذن والأسوار وتناثر الأحجار من الجدران، وتداعي الأركان المشيدة البنيان، بادروا مسرعين وخرجوا من باب السدرة هاربين، ولما سكّن الله حركتها، وأذهب رجفتها، تراجعوا إلى أماكنهم، وعادوا إلى مساكنهم.
وتواترت الأخبار، فإن الزلزلة المذكورة كانت قوية الأثر في البلاد الغربية والجزائر البحرية، وجهات الفرنجية، وأنها أيضاً حدثت في تلك الساعة وذلك النهار ببلاد الكرك والشوبك والسواد وتلك الأقطار.
وحكي أن شخصاً من الباعة يبيع اللبن في بعض الحوانيت بالقاهرة سقط في الزلزلة حانوته عليه، وظنه الناس قد مات وأقام ثلاثة أيام ولياليها تحت الردم، ثم نظف التراب ووجد الرجل سالماً وأخرج حياً سوياً، لأنه تشبكت عليه الأخشاب، وحملت عنه الطوب والتراب، وسلمت له من حانوته جرة لبن، فكان يقتات منها إلى أن نظف عنه الردم.
وفيها: سقط جانب من قلعة صفد وأسوارها، وبرج الباب، عند حدوث هذه الزلزلة، فرممت في السنة القابلة.
وفيها: تهدّم جانب من جامع بني أمية وأعيد ترميمه، وأقام الناس أياماً وهم خائفون وجلون، ومن مكان إلى مكان ينتقلون، ولمعاودة الزلزلة متوقعون وكان ذلك في الصيف فتوالت بعدها سموم تلفح فتشوي الوجوه حين تنفخ، ولم يمت مع ذلك إلاّ نفر قليل بالقاهرة ومصر وثغر الإسكندرية.
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 428