responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 340
وفي نزهة الناظر: أن السلطان لاجين لما قتل سفر الأمير سيف الدين بلغاق من جهة الأمراء بمصر يعلمون الأمير سيف الدين قفجق بالوقائع التي جرت، ويعرفون صحته بالأمارات التي بينهم، ولما وصل إلى دمشق وجده قد قفز هو ومن معه إلى نحو الفرات، ولم يخبر أحدا بما حضر حتى وصل إلى حلب فوجد الأمر قد فات، وكان يوم وصوله إلى دمشق يوم سفر قفجق والأمراء من حمص، فلما وصل إلى حلب وقف نائب حلب على الكتب المكتتبة عن الأمراء، وحكى له بلغاق ما اتفق جميعه، ثم طلب بريديا من أكابر البريدية بحلب يعرف ببليان القصاص ووعد له بإمرة إذا أدرك الأمراء وأوقفهم على الكتب التي حضرت من مصر، وأمره أن يلحق بهم ولو دخلوا في البلاد، فركب المذكور من حلب على طريق الفرات، وساق تلك الليلة إلى بكرة النهار، والتقى بأيدغدى شقير وكجكن وبالوج ومعهم الأمراء الخاصكية وبعض الأمراء المجردين من مصر والشام ممن كان يلوذ بدولتهم، فلما رأوه أراد أن يعرج عن طريقهم أرسلوا إليه من أحضره، فلما رآه أيدغدى شقير قال له: إلى أين قصدت؟ قال: إلى الأمراء الذين قفزوا لعلىً ألحق بهم. فقال: من سيرك إليهم؟ قال له: نائب حلب. فقال: لأي سبب؟ فأنكره وقال: ما أعرف غير أنه سيرني إليهم قال: وأين كتابه إليهم؟ فقال: ما معي كتاب ولكن مشافهة، فأنكر أمره وقال للأمراء الذين معه: والله ما قضية هذا بخير، ثم أشار إلى بعض مماليكه أن يؤجل البريدي ويأخذ جرابه، فلما أخذه فتحه فوجد فيه كتب الأمراء وهم يعرفون قفجق بجميع ما اتفق من قتل لاجين ومنكوتمر وما مجدد من الوقائع، وكتب نائب حلب إليهم بأن الشغل قد انقضى وسألهم الرجوع، وترقق لهم في القول، فلما وقفوا على ذلك اتفق رأيهم على أن يطلقوا البريدي من غير الكتب فقال لهم البريدي: إذا قلت لهم هذا الكلام ما يصدقونني وأرد خائبا، فاستصوبوا كلامه وأعطوه الكتب، فذهب إلى طريقه.
ثم إن أيدغدى شقير شرع في خلاص نفسه وكيف يكون حاله مع نائب حلب ومع الأمراء، وكان قد أساء على نائب حلب والأمراء المجردين، وعاملهم بالغلظة والكلام الفاحش والحماقة والكبرياء؛ فإن اتفاق منكوتمر كان معه أنه إذا قضى شغل الأمراء ومسك منهم الذين بينوا له مسكهم فيستقر نائبا بحلب، وكذلك كان الاتفاق أيضا مع جاغان في أمره مع نائب الشام قفجق، فإنه إذا مسك بكتمر السلحدار ومن عينوه بالمسك من الأمراء يكون هو نائب الشام.
ولما تحقق أيدغدى وجاغان وقوع الأمير بلاجين ومنكوتمر خشداشيته، ووقفا على كتب الأمراء وكتاب نائب حلب علما أن الأمر قد فات وتحيرا فيما يعملان، ثم قوى أيدغدى شقير عزمه على أن يرجع بمن معه إلى قلعة تل حمدون ويتحصنون بها، فلم يوافقه على ذلك كجكن وقالوا: نحن بين أمرين: إما أن يفتحوا لنا القلعة أو يأبوا ذلك فنكون قد فرطنا في أمرنا، والرأي عندي أن نرجع إلى حلب وندخل على نائبها فهو على كل حال ما يرمى جانبنا ويشفع لنا، والذي قضى الله لا بد منه، فانتظم أمرهم على ذلك ورجعوا قاصدين حلب، ولما دخلوا على الأمير سيف الدين النائب أقبل عليهم بإقبال حسن، وأظهر التوجع لهم، وأمر لكل أحد بأن ينزل في منزلته.
وفيها: اتفق بمصر مطر عظيم، وجاء عقبيه سيل لم يعهد بمصر مثله، ونزل من صوب المقطم إلى القرافة وأفسد تربا كثيرة ومقابر ودورا وأملاكا، وعم سائر القرافة، وكذلك نزل من الجبل إلى أن وصل إلى باب النصر وأفسد تربا ودورا كانت معمورة مجاورة للترب.
وفيها: قتل أقطاجى بن طشتمر ابن بنت نوغيه بمدينة كفا، وذلك أن نوغيه جده لما كسر الملك طقطا استولى على البلاد، فأرسل ابن بنته الأمير أقطاجى هذا إلى بلاد قرم ليجبى المال المقرر على أهلها لأنه وهبها له، فسار إليها ومعه أمير يسمى الطبرس بن قينو وعسكره مقدار أربعة آلاف فارس، فدخل إلى كفا وهي مدينة الفرنج الجنوية بين اسطنبول وبين القرم، وطالب أهلها بمال فضيفوه وقدموا إليه شيئا من المأكول وخمر للمشروب، فأكل وشرب الخمر وحكم عليه السكر، فوثبوا عليه وقتلوه، وبلغ خبر مقتله نوغيه جده، فأرسل عسكرا كثيفا إلى قرم صحبة ماجى أحد أمرائه فنهبوها وأحرقوها، وفتكوا من القرم جماعة وسبوا من كان فيها من تجار المسلمين والفرنج، وأخذوا أموالهم، ونهبوا صار، وكرمان، وقرق ايدى، وكرج وغيرها.

اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 340
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست