responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 319
وفي نزهة الناظر: أقامت العساكر على السيس نحو الشهر، وأخذوا البلاد المذكورة، وكتب نائب حلب إلى السلطان يبشره بذلك، فأعيد له الجواب بالشكر والثناء له وللأمراء، وكتب منكوتمر كتابا فيه غلظ على الأمراء، من جملة ذلك: متى لم تفتح سيس لا يحضر أحد من الأمراء إلى مصر، فإنه لم يبق له عند السلطان إقطاع، وكتب إلى نائب الشام سيف الدين قفجاق أن يركب مع عسكر الشام وينزل بهم على حمص ليصل خبره إلى العدو بأن عسكر الشام مقيمون ينتظرون العبور، ثم قال: وصل مملوك نائب حلب بأن العساكر مقيمون بحلب ينتظرون دستورا، وذكر في كتابه وفاة الأمير عز الدين الموصلي نائب طرابلس، ولما جاء هذا الخبر شرع منكوتمر في التصرف في أمور الأمراء وتفريق شملهم، وأراد أن يكبر خشداشيته، ثم اتفق مع السلطان على مسك جماعة من الأمراء المصريين والشاميين، وأن يطلب الأمير حسام الدين الأستاذ دار إلى مصر بمفرده على البريد ليفرق شملهم، فإذا وصل إلى مصر يمسك، وطلب حمدان بن صلغاى وعرفه بجميع ما وقع عليه الاتفاق من مسك بعض وقتل بعض وتغيير بعض، وأوثق الأمر معه، وكتب إلى الأمير بلبان الطباخي نائب حلب وعرفه أنه ثم أمراء قد قصدوا تغيير دولتنا، ونقل عنهم كلام كثير، فينبغي أن تحسن في مسكهم وتساعد حمدان وأيدغدى شقير وبالوج، المماليك السلطانية، وركب حمدان إلى أن وصل إلى دمشق وعرف الأمير جاغان بالأمر الذي حضر بسببه، وكان معه كتاب إليه بأن يحترس على قفجاق ولا يمكنه من العبور إلى دمشق إلا بمرسوم، ثم ركب من عنده إلى أن وصل إلى قريب حمص وبطق البريد إلى قفجاق، فلما وصل إليه الخبر قال: نذهب إلى الصيد فإنه رجل نحس وما حضر في خير ولا بد معه مكيدة يفعلها، فنحن نبعد عنه، ثم إن حمدان لما ركب أوقع الله طريقه في الليل على المكان الذي نزل فيه نائب الشام وكان قد قاد غزالين، وكان متكئا، وإذا قد سمع ركض الخيل، فقام وجلس وإذا بجاغان، فقام وتلقاه وأكرمه وقال: ما هذه طريقتك؟ فقال والله جعل لنا نعاس، فخرجنا من الطريق إلى هذا المكان، وقال: النوم غلب علي فأريد أن أتكئ، فوطئوا له فراشا ونام إلى قريب الفجر، ثم قال له قفجاق نركب معك إلى حمص. قال: نعم ولكن أريد أن تطهى الأمير شماجا بلحم الغزال قبل أن أروح، فقال: نعم، وركب قفجاق وسبق وأمر بعمل الشماج، فلما وصل حمدان أحضروا الطعام بين يديه، وتقدموا للأكل، وجلس هو بحذا قفجاق نائب الشام، وأخرج سكينا من وسطه وأسرع يقطع اللحم ويأكل، ثم إنه قطع برأس السيخ لحما ورمى قدام قفجاق، ولم ير قفجاق أنه يأكل منه ولا مد يده إليه، فقال له يا أمير: لم لا تأكل معي من هذا؟ فقال له: بطني توجع، ولي أيام ما أكلت الزفر، فلما سمع هذا الكلام لم يجلس بعدها، وركب وراح، وبعد ركوبه أخذ قفجاق اللحم الذي قطعه برأس السكين ورماه للكلب، فحين أكله الكلب وقع ومات. فقال: جروه وارموه، فلما أرادوا أن يجروه تمرق لحمه من عظمه.
ثم أرسل من ساعته إلى بكتمر السلحدار وجماعة الأمراء الذين يثق بهم وأخبرهم بخبر حمدان، وأنه ما جاء في خير، وأنهم يحترزون منه، وسير أيضا بعض النجابة إلى مصر إلى أصحابه، ولما وصل حمدان إلى حلب واجتمع بنائبها أعطاه الكتاب وعرفه بسبب الأمر الذي أتى فيه، فلما سمعه الطباخي تعجب وقال: يا أمير، كيف نعمل؟ وهذا ما هو أمر قليل يحتاج فيه إلى رجال، ولا يعمل بفتن كثيرة، وطارحه بأن أيدغدى شقير وأخبره بما قال النائب، وكان حمدان قد حضر ومعه تقليد لسيف الدين طقطاى بنيابة طرابلس بحكم وفاة نائبها، وتوفى طقطاى أيضا.

اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 319
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست