اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 307
وفي ذلك اليوم انحط سعر الغلة عشرة دراهم من الغرارة، وكان زاد السعر يوم دخول العادل، وكذا زادت أسعار بقية الأشياء، ثم رجعت إلى ما كانت عليه، ثم أخلوا مكانا لكتبغا في القلعة ورسموا على أغرلو مملوكه وجميع حاشيته، ثم كتبوا إلى المنصور بجميع ما وقع عليه الاتفاق، وسألوه في آخر الكلام قبول الشفاعة في كتبغا، وأنه خشداشه على كل حال، وأنه أذعن لطاعته، وكان أول من حلف له عند وصول الخبر، وأرسلوا نسخة اليمين أيضا.
فلما بلغ إليه ذلك فرح، وعرف الأمراء وقرأ الكتاب عليهم، ثم قال: كتبغا ما له ذنب، ولولا مماليكه ما جرى عليه شيء من ذلك، ولكن الأمور بتقدير الله تعالى، ثم كتب له تقليدا بنيابة صرخد، وكتب إلى الأمراء بدمشق أنه أجاب إلى سؤالهم، وأرسل التقليد مع مملوك له يسمى جاغان، وبعث معه أيضا تقليد الوزارة لتقي الدين توبة، وكان ممن يلوذ بخدمته، وأمر بحضور الأمير علم الدين الدويداري وصحبته القاضي حسام الدين الحنفي، وأمر لإمام الدين القزويني بقضاء دمشق، عوضا عن ابن جماعة، واستقر ابن جماعة خطيبا وناظر الأوقاف.
وخلع على الأمير سيف الدين قفجاق واستقر نائب دمشق، وعلى الأمير شمس الدين قراسنقر واستقر نائب السلطان بمصر، وأمر لقفجاق أن يروح على البريد، وتقدم قدامه جاغان بالتقاليد، وخلع على الأمير سيف الدين الحاج بهادر أمير حاجب على عادته، وعلى الأمير سيف الدين بكتمر السلحدار واستقر أمير جاندار، وخلع على الأمير سيف الدين سلار واستقر أستاذ دار، عوضا عن بتخاص.
وتباشرت الناس بسلطنته، وانحطت الأسعار، وكثر الجلب، ورجع كل شيء إلى ما كان عليه، وتواترت الغلال من الأقاليم، وكثرت المواشي، والفواكه، والسلطان أيضا شرع في الإحسان للرعية والجند والأمراء، وأمر بتجهيز النفقات، وأخذ في تأمير مماليكه، فأمر منكوتمر، وجاغان، وبهادر المعزى، وبهادر الجوكندار، وسيف الدين بيدو، وأيدغدى شعير، وسيف الدين بالوج، وجمال الدين أقوش الرومي، وغيرهم من الطبلخانات والعشرات، وأفرج عن الملك المجاهد وخلع عليه، وشفع هو عنده في مملوك أبيه علاء الدين قطلوبوس، فقبل شفاعته، وخلع عليه، ورسم بنزوله دار والده المجاورة لدار الملك المنصور، وطلب بعد ذلك الصاحب فخر الدين ابن الخليلي وأمره أن لا يظلم أحدا، ولا يجور على الناس، ولا يرمي عليهم رماية، ولا يفعل شيئا إلا بما يقتضيه الشرع الشريف، ويسلك الطريق الحميدة، ثم خلع عليه، وكذلك أمر لناصر الدين الشيخي الشاد وشرط عليه ما شرط على الوزير.
؟ ذكر إخراج الناصر من مصر إلى كرك
اتفق المنصور مع الأمراء على إخراج الناصر محمد بن قلاون من مصر، وقال لهم: إن هذا صغير وقد انحصر من منع الركوب والطلوع والنزول، والمصلحة أن يكون هو ووالدته في الكرك عند الأمير جمال الدين نائبها، يركب إلى الصيد والتنزه، فوافقت الأمراء على ذلك، وطلبوا الأمير سيف الدين سلار وعز الدين الحموي لا لا السلطان وعرفهما ما قصده، ثم نهض السلطان بنفسه إلى القاعة التي فيها والدة الناصر، فجلس وطلب الطواشى وعرفه أن يسلم على والدة الناصر ويخرج الناصر إليه، فردت السلام وأخرجوه، فأكرمه وأجلسه على ركبته، وشرع في تطييب خاطره، وعرفه أن يسيره إلى مكان الصيد والتنزه، والركوب كيف ما اختار هو ووالدته، وترقق له، وعرف والدته أنه ما فعل بالملك العادل ما فعله إلا ليكون نائبا عنه إلى حين يكبر ويصلح للملك، فهو الآن نائب عنه، ولما سمعت والدته بذلك أجابت إلى كلامه، وقرر سفره صحبة بهادر الحموي، والأمير سلار، والأمير تمربغا رأس نوبة، وأمر أن يكون مملوكه أرغون الدويدار صحبته ومعه عشرون مملوكا، ففرح الناصر بذلك ولا سيما وكان قد وجد حصرا عظيما من أولاد العادل وإهانة ونكدا.
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 307