responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 306
وأصبح الناس يوم الأحد فاجتمع القضاة والأمراء، وعزلوا العادل بدار السعادة، وحلفوا للمنصور لاجين، ونودى بذلك في البلد، وأن يفتح الناس دكاكينهم، واختفى الصاحب شهاب الدين وأخوه زين الدين المحتسب، فعمل الوالي ابن الشهابي حسبة البلد، ثم ظهر زين الدين فباشرها على عادته، وكذلك أخوه شهاب الدين.
وسافر الأمير سيف الدين أغرلو، وسيف الدين جاغان إلى الديار المصرية يعلمان بوقوع التحليف على ما رسم به.
وجاء كتاب السلطان أنه جلس على السرير يوم الجمعة العاشر من صفر، وشق القاهرة في سادس عشرة في أبهة الملك، وعليه الخلعة الخليفتية والأمراء بين يديه مشاة، وقد استناب بديار مصر الأمير شمس الدين قراسنقر المنصوري.
وخطب بدمشق للمنصور لاجين أول يوم من ربيع الأول، وحضرت القضاة المقصورة، وشمس الدين الأعسر، وكجكن، وأزدمر، وجماعة من أمراء دمشق، وتوجه القاضي إمام الدين القزويني، وحسام الدين الحنفي، وجمال الدين المالكي إلى مصر مطلوبين، وقدم الأمير حسام الدين أستاذ دار السلطان وسيف الدين جاغان من جهة السلطان، فحلف الأمراء ثانية، ودخلوا على العادل إلى القلعة ومعهم بدر الدين أبي جماعة وكجكن فحلفوه أيمانا مؤكدة بعد ما طال بينهم الكلام بالتركي، وذكر في حلفه أنه راض بما يعينه له من البلدان أي بلد كان، فوقع التعيين بعد اليمين على قلعة صرخد.
ودخل سيف الدين قفجاق المنصوري على نيابة الشام إلى دمشق بكرة السبت السادس عشر من ربيع الأول ونزل بدار السعادة، عوضا عن سيف الدين أغرلو العادلي، واستقر كتبغا بصرخد، وكتب له منشور إقطاعا له، ولم يتعرض إليه أحد، فسلمت له نفسه وأهله وأولاده ومماليكه وألزامه.
وفي نزهة الناظر: لما تكمل الدست للاجين في السلطنة طلب الأمير شمس الدين سنقر الأعسر وأمره أن يركب البريد ويذهب إلى العادل كتبغا في دمشق، ويجتمع بالأمراء والمقدمين والجند، ويعرفهم أن لاجين تسلطن، وأنهم يحيطون به ولا يمكنوه من الخروج إلى مكان آخر، فلما وصل اجتمع بالأمراء والأكابر وعرفهم بالذي أمر به لاجين، وكان جميعهم يميلون إلى لاجين ويحبونه من أيام نيابته عليهم، فوافوا كلهم متفقين على ما أمر به لاجين، وكان اتفق في اليوم الثالث من دخول سنقر الأعسر حضور الأمراء الذين كانوا مجردين إلى سيس وفيهم الأمير سيف الدين كجكن، وهو من أمراء الشام، والأمير حسام الدين الأستاذ دار، وهو من أمراء مصر، وكان الخبر وافاهم بحمص، وكان الأمير حسام الدين صاحب رأي وتدبير، وكذلك الأمير كجكن واتفق رأيهما مع رأي سنقر الأشقر إلى أن ركبوا ودخلوا إلى العادل وصحبتهم قاضي القضاة ابن جماعة، فلما تلاقوا بكى كتبغا وبكى هؤلاء أيضا، وشرع كتبغا يخبرهم بما وقع من لاجين في حقه، وشكى من الأمراء أيضا وأظهر شكوى عظيمة، وظهر منه تخضع وذلة حتى رحموه وبكوا بكاء كثيرا، وأخذوا يتلطفون به في الحديث، ويترققون له، ويظهرون الحزن والتأسف له.
ويناسب هذه الحالة قول الشاعر:
وعاجز الرأي مضياع لفرصته ... حتى إذا أمر عاتب القدرا
وأخذ الأمير حسام الدين يقول: إن الأيام دول، والله يعطى ملكه من يشاء، وما بقى الأمر إلا دخولك تحت طاعته، وهو خشداشك، فإنكم من بيت واحد، ومماليك أستاذ واحد، وإذا بلغه دخولك في طاعته فعل منك جميع ما تختاره، ونحن نضمن لك كل ما تقصده، وتكتب إليه، ويأتي الجواب إن شاء الله بما تختاره، فقال: أنا ما بقيت أريد غير سلامة رأسي وولدي وأهلي، وحيث اختار أن أكون فيه يعلمني بذلك، ويبعث عائلتي، وأنتم تعلمون ما عملت مع هذا الرجل من أول الزمان إلى آخره، وأقل ما يكون أن أكون أنا وعائلتي في الحياة مستورين، فتوجعوا كلهم من كلامه وشكايته، ثم أحضروا سائر القضاة وخلع نفسه من الملك، فحلف وحلفوا كلهم، وكان ذلك اليوم يوم الجمعة، فخطب باسمه ودعى له وقرأ رئيس المؤذنين " قل اللهم مالك الملك " الآية، فتناكب الناس وضجوا بالدعاء للملك المنصور لما سبق لهم من المحبة له.

اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 306
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست